الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم مصاحبة من يسمون أنفسهم "أهل القرآن"

السؤال

في بلادنا ظهر بعض الناس يدعون أن في الشريعة الإسلامية خاصية لعدد "تسعة عشر" ويسمون أنفسهم "أهل القرآن" وهم يتكلمون معي في هذا الموضوع ويحبون أن أزور مسجدهم وأستمع إلى خطب علمائهم، ماذا أفعل، هل هؤلاء جماعة من المسلمين، من فضلكم أرجو جواباً شافياً وأموراً أجيب بها عن أسئلتهم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فليس لهذا العدد خصوصية شرعية، وانظر الفتوى رقم: 30613، فلعل السائل يقصد الجماعة التي ظهرت في شبة القارة الهندية والتي دعت إلى الأخذ بالقرآن فقط وأنكرت السنة وعرفوا بجماعة أهل القرآن.

وهذه الجماعة ضالة وهم خلف لمن سبقهم من الروافض والخوارج حيث تعلقوا بظاهر القرآن وتركوا السنن التي قد ضمنت بيان الكتاب فتحيروا وضلوا، وقد فرض الله طاعة رسوله في غير آية من كتابه، فقال سبحانه: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا {الحشر:7}، وقال سبحانه وتعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ {الأحزاب:36}، وقال سبحانه: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ {النحل:44}، وقال تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {النور:63}، وقال تعالى: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ {الشورى:52}.

وفي حديث المقدام بن معد يكرب: ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان ريان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه. وفي هذا التحذير أعظم رد لما ذهبت إليه الروافض ومن شابههم ممن يسمون بالقرآنيين، فقد بين رسول الله ما أُجمل في كتاب الله عز وجل كبيانه للصلوات الخمس في مواقيتها وركوعها وسجودها، وبيانه لأنصبة الزكاة ووقتها، وكذلك صفة الحج، قال جابر بن عبد الله في حديثه الطويل عند مسلم في صفة الحج: ورسول الله بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله فما عمل به عملنا. ففيه غاية البيان لأهمية السنة وكذلك قوله: خذوا عني مناسككم. أخرجه مسلم، وقوله: صلوا كما رأيتموني أصلي. رواه البخاري.

روى ابن المبارك عن عمران بن حصين أنه قال لرجل: أنت رجل أحمق: أتجد الظهر في كتاب الله أربعاً لا يجهر فيه بالقراءة! ثم عدد عليه الصلاة والزكاة ونحو ذلك، ثم قال: أتجد هذا في كتاب الله مفسراً، إن كتاب الله أبهم هذا، وإن السنة تفسر هذا.

وروى الأوزاعي عن حسان بن عطية قال: كان الوحي ينزل على رسول الله ويحضره جبريل بالسنة التي تفسر ذلك. وروى سعيد بن منصور عن مكحول قال: القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن. وقال يحيى بن كثير: السنة قاضية (يعني مفسرة) على القرآن وليس القرآن بقاض على السنة. قال أحمد: السنة تفسر القرآن وتبينه...

وأيضاً مثل تحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها وتحريم الحمر الأهلية وكل ذي ناب من السباع، والقضاء باليمين مع الشاهد... وما شابه، فهذه بعض الأدلة في بيان حجية السنة والرد على هؤلاء المبتدعة.

أما ما تفعل فاحذر الخلطة بهم أو الذهاب لمسجدهم، فإن الشبه خطافة وانصح لمن يدعوك بما علمته من أدلة في هذا الجواب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني