الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التنازل عن الميراث في حياة المورث غير معتبر

السؤال

والدي على قيد الحياة، ويريد أن أمضي تنازلًا عن كل مستحقاتي للورثة، بحجة أنه لا يريد أن يرث أهل زوجي، مع العلم أنني ليس لدي ذرية، ولم يتم عمل حصر أو إعلان وراثة، ولا يوجد أي شيء مكتوب باسم أحد.
أنا أقيم أنا مع زوجي في شقة ضمن بيت مكون من 7 أدوار، ملك لوالدي وأخواتي، حيث يسكن كل واحد في شقته الخاصة دون دفع إيجار. أما أنا فأدفع إيجارًا رمزيًا منذ حوالي 13 سنة، وهو على علم بذلك.
ويقول لي: "لا بد أن تتنازلي، لأنك استفدتِ من الشقة، ولم أستفد من إيجارها كما لو كنتِ قد أجرتها لشخص آخر، ولن أعطيك ميراثك مرتين. ولا أريد أن أموت وأترك أهل زوجك شوكة في ظهر إخوانك.
فهل شرعًا يجوز للإنسان أن يستفيد من ورثه قبل أن يُورَّث؟ أم الأفضل أن أدفع ثمن الإيجار على عين والدي، أم بعد وفاته؟ وما هو الصواب لأرضي والدي؟ مع العلم أنني إذا تنازلت سأكون مجبرة وليس برضاي، لأني أبرأ إلى الله من أكل حقوق العباد التي شرعها لهم؟
ولو لم أوقع التنازل، فقد يؤدي ذلك إلى قطيعة رحم ومشاكل كثيرة مع والدي.
جزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الله تعالى هو الذي تولى قسم المواريث بنفسه، وأعطى كل ذي حق حقه، ثم قال سبحانه: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ [النساء: 13 - 14].

قال السعدي -رحمه الله-: أي تلك التفاصيل التي ذكرها في المواريث حدود الله التي يجب الوقوف معها وعدم مجاوزتها، ولا القصور عنها. اهـ.

ولا عبرة بالتنازل عن الميراث في حياة المورث؛ لأن الإرث إنما يستحق بالموت، وعليه؛ فلو تنازلتِ عن ميراثكِ في حياة أبيك، لم يكن هذا ملزمًا لكِ، وجاز لكِ المطالبة بحقك في التركة بعد وفاته، وإن قررتِ التنازل عنه بعد موته، فإنها تكون هبة مستأنفة منكِ لإخوتك، وانظري الفتوى: 456004، وما تضمنته من إحالات.

وأما انتفاعك أنت وإخوتك بالسكنى في بيت أبيكم، فلا أثر له على أسهم الميراث أو أنصبة الورثة، وليس هو تمليكًا لأحد منكم للشقة التي يسكنها في حياة أبيه.

وأما ما ذكرته من قطيعة الرحم والمشاكل الكثيرة مع والدك، إذا لم تكتبي التنازل الذي يريده، فهذا لا يوجب عليك التنازل، ولكن إن فعلته؛ برًا بأبيك وطاعة له، فهو أفضل وأعظم لثوابك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني