الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأدلة على أن عورة المرأة مع المرأة من السرة إلى الركبة

السؤال

هل الأصل في المرأة أنها عورة، حتى أمام النساء؟ فقد قرأت أن الأصل في المرأة أنها عورة، فلا يجوز لها أن تكشف أمام النساء إلا ما دلَّ الدليل على جواز كشفه، وقد سمعت فتوى بأن عورة المرأة أمام المرأة هي جميع بدنها إلا ما يظهر منها غالبًا. وذلك لأن الآية في سورة النور دلَّت على جواز إظهار مواضع الزينة، وما زاد على ذلك فلا دليل صريح يبيح كشفه، فيبقى الحكم على الأصل.
فما مدى صحة القول بأن المرأة أصلها عورة حتى أمام النساء؟ لأن الذي أعلمه أنها عورة أمام الرجال الأجانب فقط. وما هو الدليل الصحيح على القول بأن عورة المرأة من السرة إلى الركبة؟
فقد بحثت في فتاواكم السابقة، ولم أجد دليلاً صحيحًا صريحًا أو ما يُرجِّح هذا القول.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالراجح أن الأصل في المرأة مع المرأة أنها ليست بعورة، فلا يفرض عليها الستر عند النساء، إلا في حدود ما دل عليه الدليل من نص، أو قياس صحيح.

قال ابن قدامة في المُغني: الحجاب إنما يجب بنص أو قياس. اهـ.

وقال ابن رشد في البيان والتحصيل: المرأة يجوز لها أن تنظر من المرأة ما يجوز للرجل أن ينظره من الرجل، بدليل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية أبي سعيد الخدري أنه قال: لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في ثوب.
وما روي أيضًا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يفضي رجل إلى رجل، ولا امرأة إلى امرأة. خرّج الحديثين أبو داود، فجعل صلى الله عليه وسلم حكم المرأة مع المرأة فيما يجوز لها أن تنظر إليه منها، كحكم الرجل مع الرجل فيما يجوز له أن ينظر إليه منه ...
وأما ما قاله من أن بدن المرأة عورة لا يجوز أن يراه رجل ولا امرأة، فليس بصحيح، إنما هو عورة على الرجل لا على المرأة، بدليل ما ذكرناه عن النبي صلى الله عليه وسلم
. اهـ.

وأما تحديد العورة بما بين السرة والركبة، فأصح ما يستدل به عليه حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا زوَّج أحدُكم خَادِمَه عَبْدَهُ أو أجيره، فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة. رواه أبو داود. ورواه أحمد بلفظ: إذا أنكح أحدكم عبده أو أجيره، فلا ينظرن إلى شيء من عورته، فإن ما أسفل من سرته إلى ركبتيه من عورته. وحسنه الألباني.

وفيه أحاديث أخرى، ولكنها لا تصح، أصرحها حديث أبي أيوب الأنصاري مرفوعًا: ما ‌فوق ‌الركبتين ‌من ‌العورة، وما أسفل من السرة من العورة. رواه الدارقطني والبيهقي، وأعله ابن الجوزي في «التحقيق في أحاديث الخلاف» بسعيد بن راشد وعباد بن كثير، وقال: متروكان. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير: إسناده ضعيف، فيه عباد بن كثير وهو متروك. اهـ.

وعلى أية حال؛ فالمسألة محل خلاف وتفصيل بين أهل العلم، سبق لنا بيانه في الفتاوى: 185589، 115965، 499012.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني