الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سوء معاملة الأب للأم لا يسوغ عقوقه

السؤال

كيف يبر الأولاد أباهم الذي يهين أمهم أمامهم و أمام الناس, و ينتهز أحيانا الفرص ليحط من قدرها أمام الناس, مع العلم بأنها تراعي حقوقه ولا تتحدث أو تسمح لأحد بأن يتحدث عنه بأي سوء وتحتسب عند الله، فهي والحمدلله متدينة و تحفظ القرآن، وأولاده ثمانية أكبرهم أنا (35 سنة) وأصغرهم (12)، و بدأ ذلك منذ حوالي 11سنة، وللأسف فإننا أحيانا كثيرة لا نحس أنه أبونا و قد نشعر بالكره تجاهه و أحيانا بالشفقة عليه... و ما يجعلنا نحسن معاملته خوفنا من عقاب الله... ولكنه ظالم لأمي و يستغل كونه رجلا للإساءة إليها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبر الوالدين والإحسان إليهما من آكد الواجبات، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً{العنكبوت: 8}، وقال: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً {الإسراء:24} وفي الصحيحين أن ابن مسعود رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي: قال: الجهاد في سبيل الله. وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من عقوق الوالدين أشد تحذير، قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور. فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. متفق عليه. وعليه فواجبكم هو أن تبروا أباكم وأمكم، ولا يجوز أن يحملكم سوء معاملته لأمكم على عقوقه، وعليكم بنصحه وتوجيهه إن أمكن ذلك دون إغاظته، وليس عليكم مسؤولية فيما يفعله من تجاوزات على حقوق أمكم ما دمتم قدمتم له ما يناسب من النصح الذي لا يؤدي إلى إغضابه، كما لا مؤاخذة عليكم في الكره الذي تشعرون به نحوه بسبب ما يقوم به بشرط أن لا تظهروا له بُغضكم وأن لا تخلوا بشيء من حقوقه. وراجعي في هذا فتوانا رقم: 20332. وعليه هو أن يتقي الله في التعامل مع أمكم، وكونه رجلا ليس موجبا لأن يهينها، وإنما يقتضي منه ذلك أن يكرمها، وذاك هو دليل الرجولة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني