الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المضاربة لا بد أن تكون على نقد

السؤال

صاحب دكان وصاحب ذهب وعامل، صاحب الدكان يخلي دكانه لصاحب الذهب ليتاجر بالذهب في دكانه بواسطة العامل على أن يكون الربح مشتركا بين الثلاثة بالتساوي، وما كان من خسارة مادية فإنها تكون على صاحب الذهب.ما حكم هذه المعاملة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن هذه المعاملة لا تجوز لأنها تحتوي على جهالة وغرر، فحقيقتها أن صاحب الدكان قد أجره بجزء مشاع من الربح مما يجعل الأجرة مجهولة، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر كما في صحيح مسلم.

وإذا كانت هذه المعاملة قد حصلت، فإن العقد فاسد، ولصاحب الدكان أجرة المثل مقابل تخليته، لأنه عقد يستحق به المسمى في صحيحه فاستحق أجرة المثل في فاسده؛ كما قاله زكاريا الأنصاري في أسنى المطالب، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية كما في الفتاوى الكبرى: ولا يستحق الأجرة المسماة؛ لكن إذا عمل لليتامى -يعني الوصي- استحق أجرة المثل كالعمل في سائر العقود الفاسدة. انتهى

ولتصحيح هذه المعاملة هناك خياران:

الأول: أن تكون على سبيل الإجارة فيستأجر صاحب الذهب الدكان من صاحبه بأجرة معلومة، ويعطي العامل أجرة معلومة مقابل عمله، والربح يكون من نصيب صاحب الذهب وكذا الخسارة، ولا علاقة للعامل وصاحب الدكان بذلك.

والثاني: أن تكون على سبيل المضاربة، وتكون بين صاحب الذهب والعامل، أما صاحب الدكان فلا يصح أن يدخل في المضاربة بدكانه، بل له أجرة معلومة مقابل ذلك كما تقدم.

وفي هذه الحالة ما كان من ربح فهو بين صاحب الذهب والعامل بحسب الاتفاق، وما كان من خسارة فإن العامل يخسر جهده وصاحب الذهب يخسر ما خسر من ذهبه، ولا بد من العلم أن الذهب الذي يكون رأس مال المضاربة لا بد أن يكون نقداً، فإن كان تبرا أو حلياً فلابد من تحويله إلى نقد قبل العقد في مذهب جماهير الفقهاء، وعليه المذاهب الأربعة، وهناك رواية عن الإمام أحمد ونسب إلى الإمام مالك ما يفيدها وهي: أنه لا حرج في كون رأس مال المضاربة عروضاً.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني