الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين العالم والداعية والواعظ

السؤال

ما هو التعريف الحقيقي للعالم؟ وكيف نميز بين العالم والداعية أو الواعظ؟ وهل هناك درجات للعلماء مثلا عالم مجتهد أو غير ذلك؟ وهل يمكن تصنيف جميع اختصاصات العلماء مثلا عالم بالحديث عالم فقيه...؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن العالم هو من فقه في دين الله، والعلم النافع هو ما أورث صاحبه الخشية، ولذلك قال تعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء {فاطر: 28}.

قال ابن مسعود: كفى بخشية الله تعالى علماً وبالاغترار جهلاً. وقال أيضاً: ليس العلم بكثرة الرواية، إنما العلم الخشية.

وقال الحسن: تعلموا ما شئتم أن تعلموا، فوالله لا يأجركم الله حتى تعملوا، فإن السفهاء همتهم الرواية، والفقهاء همتهم الرعاية.

وقال في تحفة الأحوذي عن العالم المفضّل على العابد: هو الذي ينشر العلم بعد أدائه ما توجب إليه من الفرائض والسنن المؤكدة. انتهى

وإن من أشد الناس عذاباً يوم القيامة عالم لم ينفعه علمه، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من علم لا ينفع، وقال الشافعي لبعض أصحابه: العلم ما نفع، ليس العلم ما حفظ.

هذا، وإن للعالم صفات شخصية، منها: حسن السمت والهدي والدل، قال صلى الله عليه وسلم: خصلتان لا تجتمعان في منافق: حسن سمت، ولا فقه في الدين. رواه الترمذي وغيره، وصححه الألباني، وقال بعض السلف: من لم ينفعك لحظه لم ينفعك لفظه.

وعلى ما سبق، فإن العالم ينبغي أن يكون داعية، والداعية يجب أن يكون عالماً بما يدعو إليه، قال تعالى:

قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي {يوسف: 108}.

وقد بوب البخاري في صحيحه بقوله: باب: العلم قبل القول والعمل: والذين ذكروا شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عدوا منها شرط العلم بما يأمر به أو ينهى عنه، وانظر صفات الداعية في الفتوى رقم: 8580.

ولكن في الأزمنة المتأخرة غلب اسم العالم على من تصدر للتدريس وإفتاء الناس والتزم منهجاً في تعليمهم وسلماً يتدرج بهم عليه.

وغلب لقب الداعية على رجل العامة الذي يخالط الناس ويعطيهم من وقته ويقيم أنشطة غرضها جمع الناس على التمسك بالإسلام واعتزازهم به.

وأما الواعظ، فهو الذي يلهب القلوب بسياط تذكيره، ويغلب على أسلوبه الترغيب والترهيب.

ولا شك أن الناس درجات، فمنهم العالم المجتهد المطلق ومنهم المقلد، وبين الدرجتين مراتب، ولقد بحثها الفقهاء في باب الاجتهاد والتقليد من كتب أصول الفقه، وانظر الفتوى رقم: 19384.

وكذلك دوَّن العلم، وصنفت الكتب، وصار التأليف صنعة لها منهج واصطلاح وظهرت التخصصات العلمية تبعاً لتنوع العلوم، وهناك من أتقنها كلها أو جلها ما بين مستقل ومستكثر، ومنهم من أختص بعلم واحد، والناس أجناس، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني