الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تخلف أصحاب الأمراض المعدية عن صلاة الجماعة

السؤال

هل يحرم على المصاب بأحد الأمراض المعدية الذهاب إلى المسجد؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن به مرض معد أو مؤذ فإنه يعذر عن حضور المساجد لصلاة الجماعة، بل يمنع من ذلك لأن الناس يتأذون ويتضررون بحضوره، وقد نص الفقهاء على منع حضور المجذوم والأبرص ومن به رائحة كريهة إلى المساجد، واستندوا في ذلك إلى ما جاء في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وفر من المجذوم كما تفر من الأسد. وقال صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه ابن ماجه وحسنه السيوطي وغيره، وقال النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري وغيره: من أكل هذه الشجرة -يعني الثوم- فلا يقربن مسجدنا. فمنع آكل الثوم عن الحضور لأنه يؤذي غيره، وفي حضور المصاب بمرض معدٍ أذية كبيرة للغير كما هو معروف ولذلك قال الحطاب في التاج والإكليل: وعذر تركها -الجمعة- والجماعة شدة وحل فمطر... أو جذام. ابن حبيب: على الجذماء الجمعة ولا يمنعون من دخول المسجد فيها خاصة وللسلطان منعهم من غيرها من الصلوات وقاله مطرف وقال سحنون: لا جمعة عليهم، وإن كثروا ولهم أن يجمعوا ظهراً بغير أذان في موضعهم ولا يصلون الجمعة مع الناس، ابن يونس: لأن في حضورهم الجمعة إضراراً بالناس وأوجب -عليه السلام- غسل الجمعة على الناس، لأنهم كانوا يأتون إليها من أعمالهم فيؤذي بعضهم بعضا بنتن أعراقهم، فالجذام أشد، ومنعهم يوم الجمعة أولى لاجتماع الناس، وكما جاز أن يفرق بينه وبين زوجته إذا تجذم كان أحرى أن يفرق بينه وبين الناس في الجمعة.

ونقل شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب عن الأسنوي أنه: توقف في الجذام والبرص، قال الزركشي: والمتجه أنه يعذر بهما لأن التأذي بهما أشد منه بأكل الثوم، قال وقد نقل القاضي عياض عن العلماء أن المجذوم والأبرص يمنعان من المسجد ومن صلاة الجمعة ومن اختلاطهما بالناس... قال الأسنوي: وإنما يتجه جعل هذه الأمور أعذاراً لمن لا تتأتى له إقامة الجماعة في بيته وإلا لم يسقط عنه طلبها لكراهة الانفراد للرجل وإن قلنا إنها سنة، قال في المجموع: ومعنى كونها أعذاراً سقوط الإثم على قول الفرض والكراهة على قول السنة لا حصول فضلها ويوافقه جواب الجمهور عن خبر مسلم (سأل أعمى النبي صلى الله عليه وسلم أن يرخص له في الصلاة ببيته لكونه لا قائد له فرخص له فلما ولى دعاه فقال: هل تسمع النداء فقال: نعم، قال: فأجب) بأنه سأل هل له رخصة في الصلاة ببيته منفردا تلحقه بفضيلة من صلى جماعة فقيل: لا.

وقال البهوتي رحمه الله في كشاف القناع: وكذا من به برص وجذام يتأذى به، قياسا على أكل الثوم ونحوه، بجامع الأذى، ويأتي في التغرير منع الجذمى من مخالطة الأصحاء. فهذه نصوص صريحة في سقوط الجماعات عن المجذوم والأبرص ومثلهما غيرهما، ومنع الصلاة مع الجماعة عليهما ما داما يؤذيان أو يعديان.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني