الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجزئ إخراج الزوجة كفارة الظهار عن زوجها

السؤال

قلت لزوجتي يوم من الأيام تحرمين علي كما يحرم الأخ من أخته وقامت زوجتي بدفع كفارة عني بعد ما تصالحنا هل أستطيع أن أجامعها أو لازم أنا أدفع الكفارة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما صدر منك هو تحريم للزوجة وتشبيه لها بمن تحرم على التأييد وهي الأخت.

أما التحريم، فالراجح أنه إن نوى به الظهار كان ظهاراً، وإن نوى به الطلاق كان طلاقاً، وإن نوى به اليمين كان يميناً، ولمعرفة أدلة ذلك انظر الفتوى رقم: 26876، و الفتوى رقم: 14259.

وأما تشبيه الزوجة بالأخت، فإنه كناية في الظهار حيث إن الظهار منه ما هو صريح وهو ما ذكر فيه الظهر باتفاق، وكذا سائر الأعضاء عند أكثر الفقهاء، وهذا النوع يقع به الظهار، ولا يحتاج إلى نية.

ومنه الكناية وهو ما احتمل الظهار وغيره، فهذا يرجع إلى نية الزوج، فإن قصد به الظهار كان ظهاراً وإلا فليس بشيء، قال ابن قدامة في المغني: وإن قال: أنت علي كأمي أو مثل أمي ونوى به الظهار فهو ظهار في قول عامة العلماء منهم أبو حنيفة وصاحباه والشافعي وإسحاق، وإن نوى به الكرامة والتوقير أو أنها مثلها في الكبر أو الصفة، فليس بظهار، والقول قوله فيه. انتهى

وعليه، فيكون قولك لزوجتك: تحرمين علي كما يحرم الأخ من أخته. كناية يفتقر إلى النية، فإن كنت نويت به الظهار، فعليك كفارة ظهار، وهي: عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكيناً، كل ذلك قبل أن تمسها، وإن كنت نويت بالتحريم الطلاق، فيكون طلاقاً، وإن كنت تنوي اليمين فعليك كفارة يمين المبينة في الفتوى رقم: 204، وحينئذ لا بأس أن تخرج الزوجة عنك كفارة يمين، بإذنك لأنها من العبادات المالية التي تقبل النيابة، ودليل هذا ما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد قال: احترقت، قال: لم؟ قال: وقعت بامرأتي في رمضان، قال له: تصدق. قال: ما عندي شيء، فجلس، وأتاه إنسان يسوق حماراً ومعه طعام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أين المحترق؟ فقال: ها أنا ذا، قال: خذ هذا فتصدق به، قال: على أحوج مني ما لأهلي طعام؟ قال: فكلوه.

أما في الحالة الأولى وهي نية الظهار بهذا اللفظ فلا يجزئك إخراج الكفارة من قبل زوجتك إلا إذا كنت عاجزاً عن العتق والصيام ثم أذنت لها في الإطعام أي: إطعام ستين مسكيناً.

وننبه الأخ السائل أن كفارة الظهار تجب على الترتيب، كما في الآية الكريمة: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ {المجادلة: 3-4}.

فلا تنتقل إلى الإطعام إلا عند العجز عن العتق والصيام.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني