الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الألفة بين الزوجين من مقاصد الزواج العظمى

السؤال

فإنني أكتب إليكم اليوم بعد أن أعياني السؤال وأريد أن أتيقن من أمري، وأرجو الله أن أجد عندكم الفائدة، أنا امرأة تزوجت قبل حوالي العامين، انتقلت للعيش في بلد آخر، وعشت مع زوجي لمدة عام ونصف طوال هذه الفترة عشت ظروفا صعبة جداً، قمت بإعالة زوجي وعائلته، حيث قمت بصرف جميع المستحقات التي حصلت عليها من خلال عملي المتواصل لمدة 15 عاماً، وقمت بفتح مشروع تجاري لزوجي عسى أن يجد فيه مجالا لأن يصبح هو المعيل الرئيسي للعائلة، للأسف لم يتمكن زوجي من الاستمرار في كسب رزقه، لظروف سياسية واقتصادية، وأحياناً لظروف شخصية حيث إنني أحسست أنه لا يريد أن يتعب طالما أنا أصرف وأعمل، زادت الأوضاع سوءاً عندما تركت العمل في بلده، وقلت له إنه هو الرجل وينبغي أن يتحمل المسؤولية، ويقوم بإيجاد وسيلة لإعالتنا، في نهاية الأمر أصر أهلي أنه يجب أن لا أبقى معه، وأن أعود إلى بلدي، وبالفعل تم الأمر بموافقته، وتم الاتفاق مع أنه يجب أن يبحث عن مصدر رزق (عمل دائم)، وأن يبرهن أنه يتحمل مسؤولية، للأسف الشديد، مضى الآن على رجوعي خمسة أشهر طيلة هذه الفترة لم يتصل بي وحتى أنه لم يبادر للأطمئنان علي تلفونيا، سؤالي المحدد هو: هل يجب أن أبادر أنا إلى الاتصال به، والاستفسار عن ما يجري، أو أن أنتظر لحين اتصاله بي، مع العلم بأن أهلي مصرون أنه يجب أن أطلب الطلاق، ويقولون مع مرور الوقت، بعد 6 أشهر أصبح طالقاً شرعياً، أنا في حيرة من أمري، أخاف أن أطلب الطلاق وبهذا أعمل عملاً يغضب الله، وأيضاً لا أتوانى لحظة في التفكير به، وبالأيام التي قضيناها مع بعض، حيث إنني على اقتناع أن الزوجة يجب أن تتحمل الجيد والقبيح في الحياة الزوجية، أرجوكم أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن من مقاصد الزواج العظمى الألفة بين الزوجين، كما قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً {الروم:21}، ولكي يستمر هذا الود لا بد لكل من الطرفين من الصبر والتحمل ثم معرفة كل منهما حق الآخر عليه، فالزوج مثلاً يجب عليه أن يسعى لتحصيل النفقة وتوابعها لزوجته، وانظري الفتوى رقم: 19453.

ومن المستحسن إن كان للزوجة مال وزوجها فقير أن تساعده، فتكسب بذلك الأجر من الله تعالى إلى جانب ود زوجها، فهذه أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها عندما تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم واسته بمالها فنالت شرف الدنيا وعز الآخرة، أخرج الإمام أحمد وصححه الأرناؤوط عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة أثنى عليها فأحسن الثناء قالت: فغرت يوماً فقلت: ما أكثر ما تذكرها حمراء الشدق، قد أبدلك الله عز وجل خيراً منها قال: ما أبدلني الله عز وجل خيرا منها، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس.

وعلى هذا ندعوك إلى مواصلة مساعدة زوجك والوقوف إلى جانبه، ومحاولة تشجيعه على البحث عن عمل يدر عليكم خيراً ويصلح الله به الأحوال، وبخصوص ما ذكرت من الرغبة في الاتصال بزوجك والتعرف على أحواله فهو محمود، لأنه يدل على العشرة الطيبة، وكونه هو لم يبادر إلى ذلك فربما كان ذلك عن ضيق يد كما فهمنا من ذكرك لحاله.

أما فيما يتعلق بما ذكره أهلك بأنه بمرور مدة ستة أشهر على عدم اتصال زوجك، فإن الطلاق يقع، فإن هذا الكلام لا أساس له في الشرع، وإنما أنت زوجة له ما دام لم يصدر منه لك طلاق باختياره أو بحكم حاكم.

هذا وننبه أهلك إلى أن تدخلهم بينك وبين زوجك بما يفسد العلاقة بينكما مع رضاك أنت بحالك مع زوجك هو معصية يجب عليهم الحذر منها، ويدخل في حكم التخبيب وقد قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها. رواه أحمد وأبو داود، وصححه السيوطي والألباني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني