الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاقتراض بغير فائدة من بنك ربوي وكيف يمحق الربا

السؤال

زوج أختي يعمل في بنك ربوي ولا أعلم طبيعة عمله في البنك على وجه الخصوص.. وعندما أراد الزواج من أختي اقترض مبلغا من البنك الذي يعمل به.. سؤالي هو: ما حكم هذا القرض إن كان بفوائد، وما حكمه إن كان بغير فوائد على اعتبار أنه يعمل في نفس البنك لذا يحق له الاقتراض بدون فوائد وفي الأصل هو بنك ربوي.. ما حكم القرض في الحالتين.. وسبحان الله دائما أرى أمور أختي وزوجها ميسرة ورزقهم وفير.. وكلامي هذا بدون حسد وإنما للعلم فقط.. كيف يتوافق هذا مع قول الله تعالى بأن الله يمحق الربا.. وأنا أرى كل يوم أحوالهم تتحسن عن اليوم الذي قبله.. أمي تقول بأن قلوبهم طيبة ونيتهم صافية لذلك الله يبارك لهم.. ما تفسير ذلك أفيدوني أفادكم الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن العمل في البنوك الربوية غير جائز، ويجب على من تورط في العمل بها الاستقالة فوراً، وقد سبق بيان ذلك في أكثر من فتوى منها الفتوى رقم: 1009، والفتوى رقم: 1725.

وأما الاقتراض من البنك الربوي بدون فائدة فجائز في نفسه، إلا أن الأولى مقاطعة هذه البنوك وترك التعامل معها إن أمكن أن يتعامل مع غيرها من البنوك الإسلامية، لما في التعامل مع البنوك الربوية من إقرار وتشجيع لها.

وأما الاستشكال الذي بدا للأخت السائلة فنقول في جوابه: اعلمي أن الله تعالى يمحق الربا كما قال جل وعلا: يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ {البقرة:276}، والمحق قيل: هو الهلاك والاستئصال. وقيل: هو ذهاب البركة. وهذا واضح مشاهد لكثير من المرابين. وقد يتأخر هذا الوعيد عن بعضهم، بل قد يموت ولم يمحق ماله، فيمحق من بين يدي ورثته، فالمقصود أن لا يُغتر بحسن حال بعض المرابين؛ لأن عاقبة أموالهم إلى المحق إلا أن يشاء الله.

يقول ابن حجر الهيتمي: (يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا) أي معاملة لفاعليه بنقيض قصدهم، فإنهم آثروه تحصيلاً للزيادة غير ملتفتين إلى أن ذلك يغضب الله تعالى، فمحق تلك الزيادة بل والمال من أصله حتى صير عاقبتهم إلى الفقر المدقع، كما هو مشاهد في أكثر من يتعاطاه. وبفرض أنه مات على غيره يمحقه الله من أيدي ورثته.. ومن المحق أيضا ما يترتب عليه من الذم والبغض وسقوط العدالة وزوال الأمانة وحصول اسم الفسق والقسوة والغلظة... وأيضاً فمن اشتهر أنه جمع مالاً من ربا تتوجه إليه المحن الكثيرة... هذا كله محق الدنيا، وأما محق الآخرة... فإنه يموت ويترك ماله كله وعليه عقوبته وتبعته والعذاب الأليم بسببه. انتهى.

فعلم من هذا أن المحق معنى كبير يشمل الدنيا والآخرة وله صور، وقد يمهل الله المرابي فلا يعاجله بالعقوبة لحكمه يعلمها الله تعالى، كما يمهل الظالم ثم إذا أخذه لم يفلته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني