الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقوال العلماء في زكاة الأجرة المقبوضة

السؤال

ما حكم الشرع في أجرة عقار مقدماً لمدة عامين أو أكثر هل يقوم بزكاة هذا المال فور استلامه إياه أو ينتظر مرور الحول؟.
وشكراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فزكاة الأجرة المقبوضة مقدماً محل اختلاف بين أهل العلم: فعند الحنابلة وبعض الشافعية تجب زكاتها إذا حال الحول على قبضها، وللمالكية تفصيل في ذلك، وملخص ما في المسألة مذكور في الموسوعة الفقهية كما يلي:

مذهب الحنابلة ونقله الكاساني عن محمد بن الفضل البخاري الحنفي وهو قول عند الشافعية أن الأجرة المعجلة لسنين إذا حال عليها الحول تجب على المؤجر زكاتها كلها، لأنه يملكها ملكاً تاماً من حين العقد بدليل جواز تصرفه فيها، وإن كان ربما يلحقه دين بعد الحول بالفسخ الطارئ.

وعند المالكية لا زكاة على المؤجر فيما قبضه مقدماً إلا بتمام ملكه، فلو أجر نفسه ثلاث سنين بستين ديناراً كل سنة بعشرين وقبض الستين معجلة ولا شيء له غيرها، فإذا مر على ذلك حول فلا زكاة عليه، لأن العشرين التي هي أجرة السنة الأولى لم يتحقق له ملكها إلا بانقضائها، لأنها كانت عنده بمثابة الوديعة فلم يملكها حولاً كاملاً.

فإذا مر الحول الثاني زكى عشرين، وإذا مر الثالث زكى أربعين إلا ما نقصته الزكاة، فإذا مر الرابع زكى الجميع.

وفي قول عند المالكية وهو الأ ظهر للشافعية لا تجب إلا زكاة ما استقر، لأن ما لم يستقر معرض للسقوط، فتجب زكاة العشرين الأولى بتمام الحول الأول، لأن الغيب كشف أنه ملكها من أول الحول.

وإذا تم الحول الثاني فعليه زكاة عشرين لسنة وهي التي زكاها في آخر السنة الأولى، وزكاة عشرين لسنتين وهي التي استقر عليها ملكه الآن، وهكذا. ولم نجد عند الحنفية تعرضاً لهذه المسألة. انتهى

أما زكاة الأجرة المعجلة فور استلامها، فهو رواية عن الإمام أحمد، قال ابن قدامة في الشرح الكبير: ولو أجَّرَ دارَه سِنِين بأربَعِين دِينارًا، مَلَك الأجْرَةَ مِن حينِ العَقْدِ، وعليه زكاةُ الجميعِ إذا حالَ الحَوْلُ؛ لأنَّ مِلْكَه عليها تامٌّ، بدَلِيلِ جَوازِ التَّصَرُّفِ فيها بأنْواعِ التَّصَرُّفاتِ، ... وقال ابنُ أبي موسى: فيه رِوايةٌ، أنَّه يُزَكِّيه في الحالِ، كالمَعْدِنِ. والصَّحِيحُ الأوَّلُ؛ لقَوْلِه عليه السلامُ: «لَا زَكَاةَ فِى مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» انتهى. واختار هذه الرواية شيخ الإسلام ابن تيمية كما في الاختيارات والفتاوى الكبرى، قال: وَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي جَمِيعِ أَجْنَاسِ الْأُجْرَةِ الْمَقْبُوضَةِ وَلَا يُعْتَبَرُ لَهَا مُضِيُّ حَوْلٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَمَنْقُولٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ . والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني