الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يبر والديه من لا يشعر بحب أو عاطفة نحوهما

السؤال

لا أعلم إن كان هذا سؤالاً أم هو حاجة إلى النصيحة، أريد أن أعرف عن بر الوالدين، فأنا أحس بأنني لا أستطيع أن أبر والدي، والسبب أنني أفتقد الحنان والحب من جهتهم، وهم لا يتحملون المسؤولية أبداً، ونحن سبع أخوات، الآن نحن 4 أخوات في البيت، وكل المسؤولية فوق رؤوسنا، والمشكلة تتفاقم عندما أحس بهذا الحنان المفقود خارج البيت، وأتعلق برئيسي في العمل، وأجد أنه حنون وأب لي بكل ما تحمل الكلمة من معنى، لا تقل لي إنه يجب علي أبرهم ماديا أستطيع لكن عاطفياً، الموضوع صعب جداً، فهم لا يحنون علينا ودائماً في المشاكل، ماذا أفعل، خاصة أنني متحجبة وأقوم بأداء الفرائض لكن لا أجد حبا كثيراً لهم، بدأت أتعلق وأحب رئيسي في العمل الذي هو في عمر أبي، لكني طبعاً لا أبوح لأحد، أنا فعلاً أعيش في متاهة، ولا أعرف ماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنتوجه بالنصح أولاً للوالدين فنقول إن للأبناء حقوقا يجب على الآباء القيام بها وعدم التقصير أو الإهمال فيها ومن أهمها تربيتهم تربية صالحة وتأديبهم، ومراقبة تصرفاتهم، ليعلم القويم منها، فيقر عليها ويشجع، والمعوج فيها فيقوم، امتثالاً لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}، وبخاصة البنات لما ورد في فضل تربيتهن وتأديبهن من الأجر، فعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين وضم أصابعه. رواه مسلم.

فهذه مسؤولية سيسأل عنها الآباء، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.... متفق عليه.

وعلى الأب أن لا يحوج ابنته للعمل، بل عليه أن ينفق عليها حتى تتزوج، ويجب عليه أن يزوجها بالكفء المرضي في دينه وخلقه، وأن لا يعضلها عن الزواج متى وجدته، فإن كان هناك حاجة لعملها فليحرص ولتحرص البنت على أن تعمل في مجال يناسبها لا يكون فيه اختلاط محرم بالرجال، فإن كان طبيعة عملها يستوجب التعامل مع الرجال، فليكن ذلك في حدود الحاجة إليه مع التزام الحجاب الشرعي والاحتشام مع الحذر من الخلوة والخضوع في القول (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ).

ونقول لأختنا الفاضلة إن بر الوالدين فرض أوجبه الله سبحانه، يجب القيام به، مهما كان حال الأبوين من إهمال وتقصير وعدم قيام بما يجب عليهما. فإن البر ليس مكافأة لهما على إحسانهما، بل واجب أوجبه الله على المسلم يلزم القيام به، حتى لو فرض -وهذا مستحيل- أن ليس لهما يد ولا فضل على أبنائهم، وقولك إنك لا تستطيعين برهم عاطفياً ولا تستطيعين محبتهم، فالبر معناه كما قال الدكتور مصطفى الزرقا رحمه الله: إن للوالدين حقوقا مادية ومعنوية أوجب على الولد رعايتها واحترامها وحسن أدائها، وفي رأس حقوقهما المادية عليه أن ينفق عليهما إذا احتاجا، وفي رأس حقوقهما المعنوية بره بهما في كل وجوه البر، واجتناب عقوقهما في كل وجوه العقوق، وأن بر الوالدين يتجلى في فعل ما يرضيهما ويسرهما، من طاعة لأوامرهما وتحقيق لرغائبهما في المعروف، وأن عقوقهما يتجلى فيما يؤذيهما أو ينغصهما من قول أو عمل. انتهى كلامه، ففعلك هذا هو البر، وأما العاطفة والحب فلم تكلفي حبهما إذ ليس الحب بيد الإنسان.

أما تعلقك برئيسك في العمل فلا ينبغي وهو من خطوات الشيطان، فيجب عليك الحذر من هذه الخطوات، فالعلاقة مع الرجال في العمل -الذي تكون المرأة بحاجة إليه- تكون في حدود الأدب، وبما ذكرنا سابقاً من تجنب الاختلاط والالتزام بالحجاب وعدم الخضوع بالقول.

فننصحك بعدم الركون إلى هذا الشعور تجاه هذا الرجل ولو كان في سن والدك فهو أجنبي عنك، ولا يجوز أن يكون هناك علاقة من هذا القبيل، إلا في ظل زواج شرعي. ويجب أن تعلمي أن عمل المرأة ووظيفتها الطبيعية الفطرية النافعة والمسعدة لها ولمجتمعها هي تربية أبنائها ورعاية بيتها وزوجها.

فليكن عملك خارج بيتك إنما هو لحاجة مؤقتة ما تلبثين أن تستغني عنها وتعودي إلى وضعك الطبيعي، وفقك الله لما يحب ويرضى وأعانك على بر والديك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني