الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزواج من فتاة أسلمت ومعارضة الأبوين.. رؤية شرعية

السؤال

تعرفت على فتاة مسيحية وأعجبت بها حتى أردت أن أتزوجها وحاورتها في مسألة الدين فوجدتها راغبة في تغيير دينها والدخول في الإسلام لما في ديننا من وضوح وأحكام عجزت أن تجده في دينها المسيحي الحالي المزعوم (فالدين المسيحي الحق المنُزل من الله ليس فيه التباس إطلاقاً), وقد أعلنت لأهلها إسلامها بل وحاولت دعوتهم بالحوار والجدال بأولوية دخولهم في الإسلام لما في ذلك من أمر صريح في القرآن من الله عز و جل (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه) وقد كنت معها منذ اللحظة الأولى أساندها وأُبين لها ما جهلته عن الإسلام والمسلمين وقد وجدتها أكثر فأكثر الزوجة الصالحة التي أريد أن أبني حياتي معها إن شاء الله هذا وقد كنت معجبا بها إلى أن أصبحت أحبها حباً شديداً لرجاحة عقلها وتفكرها الدائم في الدين والحياة, إني مقتدر بما أتاني الله, وأنا أطبق قول الرسول صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج.
وهنا حصل ما لم أتوقعه وهو رفض أهلي لزواجي من هذه الفتاة فقط لأنها كانت فيما مضى مسيحية مع العلم أنها أسلمت وحسن إسلامها (والله أعلم) منذ أكثر من شهرين مخفيةً إسلامها من أهلها وممن حولها, وها قد أتى الوقت المناسب وقد أعلنت إسلامها منذ أيام وهي تصارعهم بأفكارهم ومعتقداتهم البالية التى لا أساس لها من الصحة ومما أدهشني هنا أنها تستيقظ لصلاة الفجر وتوقظني عبر الجوال لكي أُصلي وأمي وأخواتي اللاتي ولدن مسلمات وعشن مسلمات لسنوات عديدة ما زلنَ نائمات لا يحرصن على القيام للصلاة,ثم يأتي الرفض ولماذا لسبب ما أنزل الله به من سلطان, ألا وهو كلام الناس عن زواجي بامرأة كانت على ملة أناس ضالين وقد هداها الله, أهكذا نشجع الناس على دخول هذا الدين بأن نضرب لهم مثلا في العنصرية وعدم التسامح ورفض المعاشرة لأنهم كانوا وقد ولدوا ضالين؟؟ فأنا أعرف تماماً أن علي أن أطيع والديَ وأعرف كل الأحاديث التي ستسرد عليَ لكي أطيع الوالدين ولكني لا أرى سبباً كي أطيعهما هنا في هذه المسألة وفي هذا الوقت العصيب وخاصةً لو أني تركت هذه الفتاة الآن لأهلها ورفضت الزواج بها لعذبوها سوء العذاب, لكي يردٌوها عن الإسلام (الدين الذي ارتضاه الله لعباده ) وأنا قادر على مساعدتها وحاضر لكي أتزوجها وأكون لها خير زوج يعينها على دينها لكني لا أفعل ذلك لأن أهلي رافضون أن يزوجوني إياها من حر مالي يعني أنا لا أريد منهم سوى الموافقة لكي أرتاح أمام الله من هذه المسألة فأنا أعمل والله متفضل علي من الناحية المادية والحمد لله. وهذه الفتاة متعلمة جامعية ذات شهادة مفتخرة ومحصنة ذات شكل حسن, لن يسوء أهلي زواجي منها أبداً سوى ما ذكرته لكم سابقاً, ولقد استخرت الرحمن كي يرحمني ويرحمها, وحتى الآن لا أرى ما يعوق بيني وبينها سوى رفض الأهل من كلا الطرفين ولأسباب واهية لا وجود لها في الشرع أبداً فأعينوني أعانكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فجزاك الله خيراً على دعوتك للإسلام، ونسأل الله أن يأجرك على ذلك، ونذكرك بالحديث الذي لا تجهله وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: لأن يهدي الله على يديك أو بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم. رواه البخاري ومسلم.

ونسأل الله أن يعينك على طاعته وأن يجمعك بمن تحب.

أما رغبتك في الزواج بهذه الفتاة ورفض أهلك الزواج بها، فنقول: ينبغي لك أن تقنع والديك بهذا الأمر بحكمة ولين ورفق، كما يمكنك أن تستعين بمن له القدرة على إقناعهم بذلك، وحاول أن تبرهن لهما عن مدى تمسك هذه الفتاة بإسلامها.

وينبغي لوالديك أن يعلما أن وجه اعتراضهما على هذه البنت غير سائغ شرعاً، فإن الإسلام يجب ما قبله، وليس عيباً أو نقصاً أن يكون المسلم في ما مضى على غير الإسلام من أبوين كافرين، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم مشركين، ومن آباء وأمهات مشركين.

فينبغي لهما أن لا يكونا عائقاً أمام رغبتك المشروعة في الزواج بمن تحب، وأمام ثبات هذه الفتاة المسلمة حديثاً على الإسلام.

فإن وافقا فهذا هو المطلوب، وإن لم يوافقا فمن حيث الأصل أن طاعة الوالدين واجبة، والزواج من فتاة بعينها ليس واجباً، فيقدم طاعة الوالدين الواجبة على الزواج بفتاة معينة غير الواجب، وراجع الفتوى رقم: 20319 والفتوى رقم: 18767.

لكن بالنظر إلى ما ذكرت من مفسدة ستحدث إن لم تتزوج هذه الفتاة من افتتانها في دينها، وتعرضها للعذاب من قبل أهلها النصارى، فإن كان الأمر كما ذكرت، فإنه لا حرج عليك من الزواج بها عملاً بالقاعدة الفقهية المعروفة (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح).

مع محاولة إرضاء والديك بكل ما تستطيع، وبيان أن ما فعلت له ما يبرره شرعاً.

نسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياك لما يحب ويرضى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني