الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الجمع بين طواف الإفاضة والوداع

السؤال

أتيت للعلاج والعمرة من فلسطين ومكثت عند أخي ست أشهر وأنا مازلت أتعالج وذهبت إلى مكة بنية الحج مفرداً ولكني أحرمت من مكة وقضيت جميع المناسك ولكني لم أطف الإفاضة إلا مع طواف الوداع وبعدها سعيت علماً أنني طفت طواف القدوم ودفعت ثمن الذبيحة والتي هي بدل دم لأني أحرمت من مكة هل حجي صحيح أم علي فعل شيء؟ ومازلت أعالج الآن.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فطواف الوداع لا يكون إلا بعد إتمام أعمال الحج أو العمرة ومنها السعي فلو طاف للوداع قبل السعي لم يجزئ طوافه للوداع، وعليه دم إذا سافر مسافة قصر ولو رجع، أما إذا عاد قبل بلوغ مسافة القصر، فإن الدم يسقط عنه.

قال بدر الدين الزركشي في المنثور في القواعد: فإن قلت: هل يصح -السعي- بعد طواف الوداع؟ قلت: هذا مغالطة، لأن طواف الوداع لا يصح قبل إتمام المناسك فكيف يصح قبل السعي. اهـ

وقال ابن قدامة رحمه الله تعالى في المغني: ووقته بعد فراغ المرء من جميع أموره، ليكون آخر عهده بالبيت على ما جرت به العادة في توديع المسافر إخوانه وأهله، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: حتى يكون آخر عهده بالبيت.

وقال النووي رحمه الله في المنهاج: وإذا أراد الخروج من مكة طاف للوداع، ولا يمكث بعده وهو واجب يجبر تركه بدم، وفي قول سنة لا يجبر، فإن أوجبناه فخرج بلا وداع وعاد قبل مسافة القصر سقط الدم أو بعدها فلا على الصحيح. اهـ

وقال البهوتي رحمه الله في كشاف القناع: (فإن خرج قبله) أي: قبل الوداع (فعليه الرجوع إليه) أي: إلى الوداع (لفعله إن كان قريباً) دون مسافة القصر ولم (يخف على نفسه أو ماله أو فوات رفقته أو غير ذلك) من الأعذار (ولا شيء عليه إذا رجع) قريباً سواء كان ممن له عذر يسقط عنه الرجوع أو لا، لأن الدم لم يستقر عليه لكونه في حكم الحاضر (فإن لم يمكنه) الرجوع لعذر مما تقدم أو لغيره (أو أمكنه) الرجوع للوداع. (ولم يرجع أو بعد مسافة قصر) عن مكة (فعليه دم رجع) إلى مكة وطاف للوادع (أو لا)، لأنه قد استقر عليه ببلوغه مسافة القصر فلم يسقط برجوعه كمن تجاوز الميقات بغير إحرام ثم أحرم ثم رجع إلى الميقات (وسواء تركه) أي: طواف الوداع (عمداً أو خطأ أو نسياناً) لعذر أو غيره، لأنه من واجبات الحاج فاستوى عمده وخطؤه والمعذور وغيره كسائر واجبات الحج (ومتى رجع مع القرب لم يلزمه إحرام)، لأنه في حكم الحاضر (ويلزمه مع البعد الإحرام بعمرة يأتي بها) فيطوف ويسعى ويحلق أو يقصر (ثم يطوف للوداع) إذا فرغ من أموره. اهـ

فحجك صحيح إن شاء الله تعالى، وأما سؤالك هل يلزم شيء أم لا؟ فالجواب أن ذلك ينبني على خلاف بين الفقهاء في الطواف الذي فعلته هل يجزئك عن طواف الوداع أم لا؟ فمنهم من قال إنه لا يجزئك، لأن كلاً من طواف الإفاضة وطواف الوداع مقصود لذاته فلا يتأديان بطواف واحد.

ولأن طواف الوداع لابد أن يكون بعد الانتهاء من مناسك الحج كلها، وهذا الطواف وقع قبل السعي، ومنهم من قال إن الطواف مجزئ عن الإفاضة والوداع معاً، لأن طواف الوداع غير مقصود لذاته، وإنما المقصود هو أن يودع الحاج البيت بالطواف به، وراجع الفتوى رقم: 45396.

ولمعرفة صفة حج الإفراد راجع الفتوى رق: 13743.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني