الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز للرجل أن يصيب امرأته إذا كان عادما للماء

السؤال

سؤالي لفضيلتكم هو: هل يجوز للزوج أن يجامع زوجته مع علمه بعدم توفر الماء للاغتسال بعد الجماع؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيجوز للرجل أن يجامع زوجته مع علمه بعدم توفر الماء للغسل بعد الجماع على الراجح من أقوال أهل العلم، وقد فصل ذلك الإمام النووي يرحمه الله تعالى في المجموع حيث قال: قال الشافعي في الأم والأصحاب: يجوز للمسافر والمعزب في الإبل أن يجامع زوجته وإن كان عادماً للماء، ويغسل فرجه ويتيمم، واتفق أصحابنا على جواز الجماع من غير كراهة، قالوا: فإن قدر على غسل فرجه فغسله وتيمم وصلى صحت صلاته ولا يلزمه إعادتها، فإن لم يغسل فرجه لزمه إعادة الصلاة إن قلنا رطوبة فرج المرأة نجسة؛ وإلا فلا إعادة -والأصح أن الرطوبة التي يصل إليها ذكر المجامع طاهرة- هذا بيان مذهبنا.

وحكى ابن المنذر جواز الجماع عن ابن عباس وجابر بن زيد والحسن البصري وقتادة والثوري والأوزاعي وأصحاب الرأي وأحمد وإسحاق، واختاره ابن المنذر، وحكي عن علي بن أبي طالب وابن مسعود وابن عمر والزهري أنهم قالوا: ليس له ذلك. وعن مالك قال: لا أحب أن يصيب امرأته إلا ومعه ماء. وعن عطاء قال: إن كان بينه وبين الماء ثلاث ليال لم يصبها، وإن كان أكثر جاز، وعن أحمد في كراهته روايتان. دليلنا على الجميع ما احتج به ابن المنذر أن الجماع مباح فلا نمنعه ولا نكرهه إلا بدليل، فهذا هو المعتمد في الدلالة، وأما حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رجل: يا رسول الله، الرجل يغيب لا يقدر على الماء أيجامع أهله؟ قال: نعم. رواه أحمد في مسنده، فلا يحتج به لأنه ضعيف، فإنه من رواية الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف. والله أعلم.

وقال ابن قدامة في المغني: وهل يكره للعادم جماع زوجته إذا لم يخف العنت؟ فيه روايتان، إحداهما: يكره، لأنه يفوت على نفسه طهارة ممكنا بقاؤها، والثانية: لا يكره، وهو قول جابر بن زيد، والحسن، وقتادة، والثوري، والأوزاعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وابن المنذر، وحكي عن الأوزاعي أنه إن كان بينه وبين أهله أربع ليال، فليصب أهله، وإن كان ثلاث فما دونها، فلا يصبها. والأولى جواز إصابتها من غير كراهة، لأن أبا ذر قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إني أعزب عن الماء ومعي أهلي، فتصيبني الجنابة فأصلي بغير طهور؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الصعيد الطيب طهور. رواه أبو داود والنسائي.

وأصاب ابن عباس من جارية له رومية، وهو عادم للماء، وصلى بأصحابه وفيهم عمار، فلم ينكروه، قال إسحاق بن راهويه: هو سنة مسنونة عن النبي صلى الله عليه وسلم في أبي ذر وعمار وغيرهما، فإذا فعلا ووجدا من الماء ما يغسلان به فرجيهما غسلاهما، ثم تيمما، وإن لم يجدا، تيمما للجنابة والحدث الأصغر والنجاسة، وصليا. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني