الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العمل في المحرمات والإنفاق من المال المكتسب منه

السؤال

أود طرح مشكلتي في 3 أجزاء جزاكم الله خيرا. ـ أولا أنا طالب في بلد غير مسلم ,متزوج و زوجتي تعيش في المغرب. أنا أعمل في مطعم حيث يباع الخنزير والخمر,خلال عطلة نهاية الأسبوع والعطل الصيفية, وذلك لعدم إيجادي لعمل آخر, فأنا أكره هذاالعمل ولكني مضطر لذلك حتى أتمكن من إعالة نفسي وزوجتي و مساعدة عائلتي. أحيطكم علما أني أبحث دائما عن عمل آخر وأدعو الله أن يساعدني في ذلك.ـ ثانيا أعلمكم بدخلي المحدود وكثرة المصاريف وغلاء المعيشة فأنا أعيش مع أختي القاصرة وأخ لي مكسبه كله حرام و نحن نتقاسم مصاريف السكن و الطعام....., وأخي يعول عائلتي التي تعيش في المغرب, و هم لا يعلمون بماله الحرام, فهل أنا آثم إن لم أخبرهم بذالك, و ماذا علي فعله فأنا خائف جدا وحائر و لا أدري ما علي فعله فعائلتي محافظة و متدينة وأخاف عليهم من وقع الخبر و في نفس الوقت من أكل المال الحرام.ـ ثالثا أخي من ماله الحرام ينوي إقامة مشاريع حلال, فما حكم العمل عنده أخذا بعين الاعتبار صعوبة إيجاد فرص للعمل في هذا البلد. أرجو المعذرة على الإطالة و جزاكم الله عنا أحسن الجزاء. أرجو الإجابة عاجلا فأنا غير مرتاح أبدا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجوز لك العمل في هذا المطعم إذا كنت تباشر بيع المحرمات المذكورة أو تساهم في إعدادها للزبائن أو غيرهم، وعليك أن تترك هذا العمل فوراً وتبحث عن عمل غيره يسد حاجتك وحاجة من تعول ممن تجب نفقتهم عليك. فإن لم يتيسر لك عمل غيره ولم يكن عندك مال تنفق منه على نفسك وعلى من وجبت عليك نفقته فلا مانع من البقاء فيه مع التحرر من مباشرة الخمر والخنزير قدر طاقتك، وإنما أبحنا لك ارتكاب المحرم للضرورة وذلك لقوله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ{الأنعام: 119}. أما عن المال المكتسب من هذا العمل في حال الاضطرار إليه، فالواجب عليك أن تتخلص من جزء من الراتب بنسبة العمل المحرم الذي تقوم به، وهذه النسبة تكون تحديداً إن أمكن تحديدها، فإن لم يمكن تحديدها قدرت بغالب الظن، وراجع في هذا الفتوى رقم: 44435. فإن احتجت إلى جزء من هذه النسبة لسد ضرورتك وضرورة من تعول ممن تجب نفقتهم جاز لك أن تأخذ منها بقدر الضرورة، ووجب عليك التخلص من الباقي، لقوله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ {البقرة: 173}. والقاعدة تقول: الضرورة تقدر بقدرها. وقد نص بعض علماء الشافعية كغيرهم على أن الحاكم الذي يقضي بين الناس يجوز له أن يتقاضى أجراً على ذلك من الخصمين للضرورة، لأن الأصل عدم الجواز، وشرطوا لذلك شروطا منها: أن يكون ما يأخذ غير مضر بالخصوم ولا زائد على قدر حاجته. انظر فتاوى السبكي، وقال النووي نقلاً عن الغزالي في معرض كلامه عن المال الحرام والتوبة منه: وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إذا كان فقيراً، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم، بل هم أول من يتصدق عليه. اهـ. وما ذكرناه لك من أحكام ينبطق على أخيك في ماله المكتسب من الحرام من حيث الانتفاع بما يسد ضرورته ومن وجبت نفقتهم عليه والتخلص من الباقي. والواجب عليك أيها الأخ السائل تجاه أسرتك أن تعلمهم بمصدر كسب أخيك ليكونوا على بينة من أمرهم، فإن كان لهم أولأحدهم مال يكفيهم للنفقة لم يجز لهم الاستفادة من مال أخيك المحرم، وكذا من قدر منهم على الكسب ووجد عملاً يناسبه ويكفيه. أما عن العمل مع أخيك في المشروع الذي كل رأس ماله محرم فلا يجوز ولو كان نشاط مشروعه حلالاً ، وراجع في هذا الفتوى رقم: 14147.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني