الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام تتعلق فيمن نكح بنت أخت زوجته ظانا موت زوجته

السؤال

أنا طبيب أعمل في إحدى المدن النائية في أمريكا الشمالية، الجالية المسلمة لا تكاد تتجاوز العشرين شخصا على أحسن تقدير وأقوم بالصلاة بهم في الجمعة وقبل عدة أيام واجهتني مشكلة لا أعرف لها حلا حيث إن معلوماتي الدينية بسيطة جدا ولا أستطيع الإفتاء فأرجو منكم توجيهي جزاكم الله خيرا
والقصة التي أمامي هي أن أحد الإخوة المقربين(وهو طبيب) تزوج قبل فتره من سيدة أعمال تعرف عليها وهي خالة صديق له( وهو طبيب أيضا) حيث إنها كانت في زيارة لهم وتم النصيب وتزوجها وللأسف وجدها عصبية لدرجة الجنون في بعض الأحيان, وزوجته ليس لها أقارب سوى أختها التي تكبرها ب25عاما وهي تسكن الإمارات وكذلك أبناء أختها الذين يعيشون هنا في أمريكا وهم (علي وهو طبيب, عصام وهو محامي يسكن في ولاية أخرى, وهديل أختهم الصغيرة وهي تتدرب طبيبة هنا بنفس المدينة التي أعيش بها وتصغرها بثلاث سنوات) القصة هنا أن صديقي هذا تشاجر مع زوجته التي اتفقت معه في النهاية أن تسافر عند أختها في الإمارات لبعض الوقت حتى تهدأ النفوس , ولكنه فوجئ في اتصال هاتفي ليطمئن عليها بعد سفرها بعدة أيام بأختها تعزيه وتخبره بأن زوجته توفيت في حادث سير ودفنت ولا داعي لحضوره حيث لا أحد سيستقبله , اتصل صديقي فور سماعه الخبر بابن أختها (صديقه الذي يعمل معه في نفس المستشفى الذي أكد له الخبر وحضر مع بقية إخوته ليعزوه حيث أكدت والدتهم الخبر وأخبرتهم أنها ستحضر عندهم لتروي لهم تفاصيل الحادث المؤسف وطلبت منهم أن يقفوا مع زوج خالتهم في محنته) وبعد شهر تقدم صديقي ليطلب يد بنت أخت زوجته التي توفيت ( وهي كما أسلفت طبيبه تتدرب في نفس المستشفى الذي يعمل به) من أخيها وهو طبيب وصديقه الذي تعرف على زوجته الأولى من خلاله , وبعد أسابيع تم زفاف العروسين في حفل عائلي غابت عنه أم العروس لان أولادها أحبوا أن تكون مفاجأة لها حال حضورها لزيارتهم , الحاصل أن صديقي ذهب مع عروسه شهر العسل للمكسيك , ولما رجع كانت الفاجعة حينما وجد زوجته الأولى لم تمت كما زعمت أختها وأنها كانت لعبة دبرتها هي وأختها الكبيرة ( الله أعلم لماذا) وهنا اختلط الحابل بالنابل والعائلة كلها مصدومة مما حدث ولا أحد يصدق ما حدث وأنا شخصيا لا أعرف الحكم الشرعي في مثل هذه الحالات , أرجو منكم أن توضحوا لي الرأي الشرعي بالتفصيل من فضلكم , جنبنا الله وإياكم الفتن ما ظهر منها وما بطن
جزاكم الله كل خير

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اتفق الفقهاء على حرمة الجمع بين المرأة وخالتها في نكاح واحد، لما في الصحيحين واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها، والحكمة في هذا الحفاظ من الشرع على رابطة القرابة وصونها عن التفرق والشحناء. قال صاحب "أنوار البروق في أنواع الفروق" ولا يجمع بين المرأة وابنتها لأنها أعظم القرابات حفظا لبر الأمهات والبنات، ويلي ذلك الجمع بين الأختين، ويلي ذلك الجمع بين المرأة وخالتها، لكونها من جهة الأم وبرها آكد من بر الأب، يليه المرأة وعمتها، لأنها من جهة الأب. فهذا من باب تحريم الوسائل لا من باب تحريم المقاصد. اهـ.

وعلى كل، فإذا حصل الجمع فنكاح الثانية باطل. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: الجمع بين المرأة وخالة أبيها وخالة أمها أو عمة أبيها وعمة أمها كالجمع بين المرأة وعمتها وخالتها عند أئمة المسلمين، وذلك حرام باتفاقهم، وإذا تزوج إحداهما بعد الأخرى كان نكاح الثانية باطلا لا يحتاج إلا طلاق، ولا يجب بعقد مهر ولا ميراث. اهـ.

وعلى هذا، فإن نكاح هذا الطبيب من بنت أخت زوجته يعد باطلا، وعليه، فيجب عليه مفارقتها فورا، لكن لا مانع من أن يتزوجها من جديد إذا رغب في ذلك بعد انتهاء العدة وبعد طلاقه لزوجته الأولى التي هي خالتها.

هذا، وننبه إلى أمرين مهمين:

1- أنه لا إثم على هذين الزوجين في الإقدام على هذا النكاح وذلك لعدم قصد الوقوع في الحرمة.

2- أنه إذا حصل حمل نتيجة لذلك، فإنه يلحق بالزوج وذلك لاعتقاد الزوجين حلية النكاح في الأصل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني