الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العقوبة في الغرم تكون بالمثل

السؤال

أخوكم في الله أتعامل مع بنك في تونس بدون ربا وفي مدة عملي مع هذا البنك وقعت سرقتي في أموالي المودعة عندهم. كيف وقعت السرقة ( أدفع أموالا و آخذ في ذلك إيصالا و يقع تسجيل تلك الأموال في الكمبيوتر إلى أن وصلت إلى مرحلة أصبحت فيها عاجزا فراجعت حساباتي واكتشفت سرقة تلك الأموال بحيث إن الأموال بعد تسجيلها في البداية في الكمبيوتر يقع فسخها بعد ذلك ) و كانت قيمة الأموال المسروقة قرابة 20.000 دينار تونسي. أوقفت عملي مع هذا البنك واتصلت بمدير البنك و طرحت عليه المشكلة و كانت لدي لحسن الحظ كل الإيصالات التي سرقت أموالها. وطلب مني أن أواصل العمل معهم وفي الأثناء سوف يقع إعادة الأموال المسروقة. وافقت على ذلك بحسن نية وواصلت العمل معهم ولكن بسبب ذلك النقص في الأموال أصبحت أعمل معهم لكي أسدد الضرائب والأداءات المنجزة عن تأخير سداد بعض الشيكات والكمبيالات وبرقيات البريد التي تصلني وتعلمني أن الشيك الفلاني وقع تسديده دون أن يكون لك رصيد وهذا الشيء ينجر عنه بعض الأداءات أي أداءات التأخير عن السداد .إذ البنك يقوم بعمله القانوني تجاهي ويثقل الأداءات على حسابي ويرسل إلى بيتي البرقيات البريدية التي أصبحت تكاد تكون يومية و كل ذلك على حسابي ومدير البنك يطمئنني بأنه سوف ترجع لي كل الأموال المسروقة وكل المصاريف المنجرة عن التأخير في سداد الشيكات والكمبيالات و مصاريف البريد و صبرت وحاولت جاهدا تغطية بعض المصاريف لكن للأسف عجزت عن ذلك وأصبحت قيمة مصاريف تأخير سداد الشيكات والكمبيالات تناهز 15.000 دينار و مصاريف برقيات البريد تقارب 7.000 دينار . فأوقفت عملي معهم ووصلت المدة قرابة الخمس سنوات وأنا أعاني من هذه المشكلة . إضافة إلى المصاريف الخدماتية للبنك لأن رصيدي أصبح صفر وأصبحت أعمل معهم في الأحمر لذلك بلغت المصاريف الخدماتية للبنك لأني أعمل في الأحمر تقارب 15.000 دينار. إذ وقعت سرقتي في 20.000دينار ولم يقع إرجاعهم فانجر عن ذلك مصاريف كانت بحول الله لن تحصل إذا لم تقع سرقتي وبلغت 15.000+7.000+15.000= 37.000 دينار. إذ المبلغ الإجمالي 37.000+20.000= 57.000 دينار. فاتجهت إلى محامي خبير في الأموال وطرحت الإشكالية وقال لي إن الأموال التي سرقت يجب أن ترجع إليك والمصاريف كلها يجب أن ترجع كلها إليك. إضافة إلى غرامة مالية نتيجة السرقة والأضرار المعنوية إضافة إلى تعويض المدة التي تناهز الخمسة سنوات بحيث إن هذه الأموال التي سرقت مني لو بقيت معي لكانت قد أدخلت في خزينتي 20.000 دينار آخرين على الأقل. السؤال :هل هذه الغرامة حلال أم حرام وهل التعويض عن الأضرار حلال أم حرام أقصد التعويض عن الأموال التي سرقت مني ؟ علما وأني قد أحلت هذه المشكة إلى القضاء (المحكمة).و جازاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالواجب إرجاع أموالك إليك وإسقاط سائر مصروفات البنك الخدمية التي نتجت عن خلو حسابك من الرصيد، وكذلك تحمل البنك لسائر مصروفات التقاضي ـ إن كان هناك تقاض ـ أما الغرامة المالية التي تزيد على ذلك فلا تجوز، لعموم قوله تعالى: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ{البقرة: 194}. وقوله تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ {النحل: 126}. ولذلك لم يجعل الفقهاء للمسروق منه أو المغصوب منه إلا رد ما أخذ منه دون زيادة على ذلك، قال الإمام ابن عبد البر في كتابه التمهيد: والذي عليه الناس العقوبة في الغرم بالمثل. وراجع الفتويين رقم: 43618، ورقم: 622.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني