الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التداوي بالخمر ، وبشحم الخنزير وغيره من النجاسات

السؤال

المعالجة بشحم الخنزير وذلك عبر الدبر . هل هو حرام أم حلال؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالأصل في التداوي بالمحرمات والنجاسات الحرمة، لعموم الأدلة في ذلك، كقوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا ولا تداووا بحرام" رواه أبو داود، وقول أبي هريرة رضي الله عنه " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدواء الخبيث" رواه أحمد وأبو داود والترمذي. لكن عند الضرورة يجوز التداوي بها، والدليل على ذلك: الأدلة العامة على إباحة المحرم للمضطر، كقول الله سبحانه ( وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) [الأنعام:119] ففي هذه الآية وغيرها دليل على إباحة تناول المحرمات عند الاضطرار.
قال العز بن عبد السلام رحمه الله ( جاز التداوي بالنجاسات إذا لم يجد طاهراً يقوم مقامها، لأن مصلحة العافية والسلامة أكمل من مصلحة اجتناب النجاسة) انتهى من قواعد الأحكام.
ويستثنى من المحرمات الخمر فإنه لا يجوز التداوي بها حتى عند الضرورة ، للأحاديث الخاصة التي نهت عن التداوي بها، وبينت أنها داء، وليست بدواء كقول النبي صلى الله عليه وسلم في الخمر " إنه ليس بدواء ولكنه داء " رواه مسلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (3/5): وليس هذا مثل أكل المضطر الميتة، فإن ذلك يحصل به المقصود قطعاً، وليس له عنه عوض، والأكل منها واجب، فمن اضطر إلى الميتة، ولم يأكل حتى مات دخل النار، وهنا لا يعلم حصول الشفاء، ولا يتعين هذا الدواء، بل الله تعالى يعافي العبد بأسباب متعددة، والتداوي ليس بواجب عند جمهور العلماء، ولا يقاس هذا بهذا.
قال النووي في المجموع : إذا اضطر إلى شرب الدم أو البول أو غيرهما من النجاسات المائعة غير المسكر، جاز شربه بلا خلاف… إلى أن قال: وإنما يجوز التداوي بالنجاسة إذا لم يجد طاهراً يقوم مقامها، فإن وجده حرمت النجاسة بلا خلاف، وعليه يحمل حديث " إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم" فهو حرام عند وجود غيره، وليس حراماً إذا لم يجد غيره …
وإنما يجوز ذلك إذا كان المتداوي عارفاً بالطب، يعرف أنه لا يقوم غير هذا مقامه، أو أخبره بذلك طبيب موثوق بخبرته.
وعليه: فإنه لا يجوز المعالجة بشحم الخنزير كما لا يجوز التداوي بأي جزء من أجزائه لأي سبب، لأن الخنزير نجس العين، وكل ما يخرج منه من مائعات وغيرها نجس، إلا إذا كان هناك ضرورة للعلاج به. بشرط أن لا يوجد من الأدوية المباحة ما يقوم مقامه، وأن يخبرك طبيب ثقة أن هذا الدواء نافع لهذا المرض، وأنه لا يوجد له بديل مباح. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني