الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إذا أنكر الزوج الصداق ولا بينة للمرأة.

السؤال

الشيوخ الأفاضل: لقد بعثت إليكم بأسئلة بالفرنسية وكان رقمها 142353 ولكنني عندما تصفحت بنك الفتاوى لم أجد بتاتا لا السؤال ولا الفتوى وبالتالي فإنني أبعث أسئلتي من جديد: 1ـ فيما يخص مؤخر الصداق؛ تقدم لخطبتي شاب أمازيغي يصغرني بسنتين, رفضتني أمه في البداية لأنني عربية لكن فيما بعد اتضح لي أنها شديدة التعلق به وبعد 7 أشهر من الاستخارة والدعاء استجابت والدته ولكن كان ظاهريا, التقيت مع الشاب من أجل الاتفاق على المهر وكان اتفاقنا كما يلي: أنه يعينني في شراء بعض الجهاز من ألبسة تقليدية لارتدائها يوم العرس، أن يحضر يوم الخطوبة مصحفا وطقما ذهبيا فيما بعد أي كمؤخر صداق، ولكنني أتفاجأ به لم يشتر لي أي شيء سوى حذائين وبعض المنشفات ولم يحضروا لي أي طقم يوم العرس.. أشير أنني والخاطب في فترة الخطوبة خرجنا لشراء بعض اللوازم ولم يساهم إلا بحذائين وبعض المنشفات واخترنا طقما ذهبيا قيمته 23000,00 دج، ولكنني أجده يرفض شراءه لي مدعيا أنه لم يحمل المبلغ اللازم قلت له نعطي البائع عربونا ونكمل الباقي فيما بعد، ولكنه يرفض بل قال لي: والله يا حبيبة سأشتريه لك بعد العرس لأنني أنا من سيعمل العرس بمفردي؛ عذرته لأنني كنت أثق فيه ثقة عمياء فهو متدين ويخاف الله إذا لا يخدع؛ وفي الشهر الأول أجد أخت زوجي تخبرني أن الأم تعاملني معاملة سيئة لأنها تكرهني وأنها تنوي تزويج زوجي بمن تختارها له؛ حتى وأنه متزوج إذا شمت رائحة مرة في الطريق وتوالت الأشهر وبالضبط الـ4 أجد أبا الزوج بأمر من زوجته يقول لي يا كلبة اخرجي من داري ولعلمك ابني لا يأتي معك، ولعن دين والداي رغم صلاحهم ورغم أن والدي متوفى اسمه صالح ويعرف بالصلاح، المهم أن والد الزوج كان ذميما ومن حبه العارم لي انقلب إلى كره لا مثيل له هذا الأب أما البنت فكانت تقول لي كما كنت سبب زواجك من أخي سأخرجك منه وتذكري هذا جيدا وفعلا خططوا لمصيدتي وتمكنوا مني حيث أخرجوني من البيت مع شتم وقذف أبي الزوج وأخته وحتى أخوه الذي كان شديد الاحترام لي فلقد قال لي يا كلبه، المهم أخرجت من البيت رغما عني وخلال الـ 7 أشهر كنت أتوسل لزوجي للانفراد بمسكن بعيد عن أسرته التي شممت فيها روائح التفرقة ورغم إمكانياتنا أنا والزوج ولكنه يقول لي اصبري أنت مؤمنة وكنت أقول له يا كريم لم أطالبك بالطقم وأطالبك بالمسكن بالهناء إنك تريد قتلي ولكن يرفض مدعيا أن أهله إن لم يسمحوا بالخروج فلن يخرج وتحملي يا حبيبة النار التي وضعك فيها، سؤالي: الطقم لم يعطيني وفي المحكمة يريدون شاهدا على ذلك الطقم والشاهد الوحيد هو الله, في مجلس الخطبة تحدثوا عن مؤخر صداق ولم يحددوا المبلغ وأنا اخترت ذلك الطقم ولا أريد غيره أو قيمته فما قول الشرع في ذلك، ألا يعتبر اختياري للطقم هو اتفاق على الصداق؟سؤالي الثاني: هذا الطلاق باطل شرعا لأنه أساسا طلاق المكره، فهل أنا الآن مطلقة عند الله من هذا الشخص لأنه وبلسانه يقول لي إنه ضد الطلاق وإنه ضعيف أمام والديه وإنه مسحور.. وطلبت منه أن يرقي نفسه ولكنه بعيدا عن أسرته يستجيب وعند حضوره معهم يتحول إلى إنسان آخر ويقول إنه مستحيل أن يقطن بمفرده ومستحيل العيش مع أسرته وبما أن المحكمة حكمت بالطلاق خلاص هذا هو المكتوب سلمت أمري لله وتركت المحكمة تعمل والقرار يعود إليها، وفيما يخص المتعة فكيف يقومها القاضي العادل لأن المحكمة حكمت لي بمتعة تقدر بأقل من أجرته, حيث حكمت لي ب40000,00 دج والزوج يتقاضى شهريا أكثر من55000,00 دجسؤال آخر: ما معنى العصمة بيد الرجل إذا أراد الطلاق طلق حتى وإن لم تكن هنالك أسباب، أحيطكم علما بأنني قلت لوالد زوجي حين وجدته يصر على تطليقي من زوجي, قلت له لقد أمضيت شبابك مع النسوة والخمرة وشيخوختك تطلقني من زوجي من غير أي مشاكل بيننا هذا حرام هذا عمل لا يفعله عاقل بل عمل الشيطان إنك مشرف على الموت فرد علي وكله ثقة بالنفس؛ قال لي أنت من سيسبقني للقبر، أم الزوج وأخته أخذوا مني منشفة صغيرة أستعملها مع زوجي عند المعاشرة وتأكد الراقي من عمل السحر لي فكيف أقيم عليهم الحجة بممارستهم للسحر والدليل الوحيد الذي لدي هو شهادة أخته المتزوجة بوجود المنشفة لدى أمها أخذتها خلسة خوفا على ابنها مني، وأنا لو كنت أعلم أنهم يسحرون بنطاف الزوجين فهل أترك أغراضي على مرأى الجميع للعلم كانت أمه وأخته تدخلان الغرفة خلسة، وحتى الزوج يعلم بذلك ولم يخبرني أحيانا أشك وأنه هو كذلك كان شريكا لهم وأحيانا أخرى أقول إنه مسحور أرشدوني بارك الله فيكم، فيما يخص المصروف لم يكن يعطني فلسا بل أنا من كنت أكسوه وأتقوت من أجرتي المهم أنني خسرت كثيرا ولم أنل من هذا الزواج سوى خيبة الأمل في الرجل الجزائري والقانون الجزائري الذي ظاهره مستمد من الشرع والتطبيق بعيد كل البعد، تكلمت كثيرا وأرجو منكم الشيوخ الأفاضل إفادتي بقول الشرع وكيفية أخذ حقوقي من هذا الظالم المخادع الذي وجد القانون برمته في صفه وآخر أمنية وأهمها أن تدعوا الله معي لنصرتي على الظالمين, ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء. أحيطكم علما بأنني سأواصل مقاضاة طليقي بالمحكمة من أجل أخذ مؤخر الصداق وباقي الحقوق من تعويض متعة وفيما يخص المحكمة فيما يخص مؤخر الصداق فهم يستندون إلى صداق المثل والقاضي يحكم بما شاء وليست لي حجة على الطليق في المبلغ ولن أسامحه إلى يوم الدين في فلس واحد؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالدنيا دار ابتلاء وامتحان وشأن المؤمن فيها الصبر والاحتساب على ما يصيبه من أقدار الله تعالى، ففي القرآن الكريم يقول الحق سبحانه: وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً {الأنبياء:35}. وقوله تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ {البقرة:155}.

وفي الحديث الصحيح: عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له. رواه مسلم، وفيه كذلك: ما يصيب المسلم من هم ولا حزن ولا وصب ولا نصب ولا أذى حتى الشوكه يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه.

وعليه، فندعوك إلى الصبر على هذه البلايا التي أصابتك، واعلمي أن من البلاء ما قد يكون في طياته الخير، والعبد لا يدري، ومصداق ذلك قول الله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ {البقرة:216}. هذا فيما يتعلق بفضل الصبر.

أما بخصوص ما سألت عنه من مسائل لا تخلو من إنكار أو منازعة فالأولى طرحها على المحكمة الشرعية فهي التي تقضي في النزاع وتأخذ لصاحب الحق حقه: إلا أننا نقول على سبيل الفائدة:

أما بالنسبة للصداق فكان الأولى والأسلم من المنازعات أن يكون معلوماً، فإن كان كذلك وأقرَّ به الزوج أو شهدت به بينة فلا إشكال في ثبوته على الزوج.

أما إن لم يكن كذلك فهذا ينظر فيه.. فإن علم نوعه كما هو الحال هنا في ادعائك أنه كان طقماً، وأقر الزوج به فهذا يلزم أيضاً، فإن جرى العرف بطقم معين اعتبر وإلا بأن كان هناك أنواعاً متعددة فللزوجة الوسط، قال صاحب التاج والإكليل عند قول خليل بن إسحاق المالكي: (ولها الوسط حالا) ابن يونس: إن نكحها على مائة بقرة أو شاة ولم يصف ذلك جاز النكاح، وعليه وسط من الإنسان، وكذا على عبد بغير عينه.

وأما أن أنكر الزوج قدر الصداق ولا بينه للمرأة، أو ادعى الزوج أنه لا صداق لها عليه فكثير من أهل العلم يرى أن القول قول المرأة إذا ادعت صداق المثل أو أقل، سواء كان ذلك قبل الدخول أو بعده، قال الخرقي: وإذا اختلفا في الصداق بعد العقد في قدره ولا بينة على مبلغه فالقول قولها ما ادعت مهر مثلها، وإن أنكر أن يكون لها عليه صداق فالقول أيضاً قولها قبل الدخول وبعده ما ادعت مهر مثلها؛ إلا أن يأتي ببينة تبرئه منه. قال شارحه ابن قدامة: فالقول قولها فيما يوافق مهر مثلها سواء ادعى أنه وفى لها أو أبرأته منه أو قال لا تستحق علي شيئاً، وسواء كان ذلك قبل الدخول أو بعده. وبه قال سعيد بن جبير والشعبي وابن شبرمة وابن أبي ليلى والثوري والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي.

وذهب المالكية إلى أن الخلاف إن كان قبل الدخول تحالف الزوجان وفسخ نكاحهما، وإن كان بعده فالقول قول الزوج إن كانت العادة تقضي بتعجيل الصداق.

وأما بالنسبة للطلاق الذي وقع من زوجك فإنه يعتبر صحيحاً ولا يؤثر فيه كونه وقع من الزوج أثر إلحاح من أهله إذ لا يعتبر ذلك إكراهاً، وانظري ضوابط الإكراه في الفتوى رقم: 24683.

لكن إن ثبت أنه وقع نتيجة لتأثير السحر ففي هذه الحالة لا يلزم وهذا ما يصعب معرفته.

وعليه.. فلا يجوز اتهام الغير بفعله، لأن الأصل أن أمور المسلمين تحمل على السلامة.

وأما بالنسبة للمتعة فلا حد لأقلها وإنما هي بحسب المطلق من اليسر والعسر، وراجعي الفتوى رقم: 30160.

وأما بالنسبة للنفقة فمن حقك مطالبته بها، قال ابن قدامة في المغني: ومن ترك الإنفاق الواجب لامرأته مدة لم يسقط بذلك وكان دينا في ذمته، سواء تركه لعذر أو غير عذر في أظهر الروايتين. انتهى.

وأما الحكمة من جعل الطلاق بيد الرجل دون المرأة فذلك لأنه صاحب القوامة ونظرته للأمور نظرة عواقب بخلاف المرأة، قال سيد سابق في فقه السنة: جعل الإسلام الطلاق من حق الرجل وحده لأنه أحرص على بقاء الزوجية التي أنفق في سبيلها من المال ما يحتاج إلى إنفاق مثله أو أكثر منه إذا طلق وأراد عقد زواج آخر، وعليه أن يعطي المطلقة مؤخر الصداق ومتعة الطلاق... ولأنه بذلك وبمقتضى عقله ومزاجه يكون أصبر على ما يكره من المرأة، فلا يسارع إلى الطلاق لكل غضبة يغضبها أو سيئة منها يشق عليه احتمالها، والمرأة أسرع منه غضبا وأقل احتمالاً وليس عليها من تبعات الطلاق ونفقاته مثل ما عليه، فهي أجدر بالمبادرة إلى حل عقدة الزوجية لأدنى الأسباب. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني