الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من حلف على زوجته بالتحريم إن دخلت الغرفة فأدخلها هو كُرها

السؤال

السؤال:لي صديقة متزوجة من جاسوس ولها 6 أولاد وحسب قولها بأنها اكتشفت ذلك عندما تزوج عليها وتدعي بأن التي تزوجته مثله وأنا سألتها قبل ذلك عنه لأني سمعت من الآخرين فأنكرت ذلك وحلفت لي وهي تريد الطلاق وهو لا يريد أن يطلقها ليس محبة فيها ولكنه يعاندها ومن يوم ما تزوج الزوجة الثانية وهو يهينها ويضربها ولا يأتي للبيت إلا ساعة متأخرة لكي ينام ولقد طلقها قبل أن يتزوج مرتين وثالث مرة حلف عليها إن دخلت غرفة النوم فهي محرمة عليه وهو في نفس اللحظة جرها إلى الغرفة وأدخلها إياها ومنذ ذلك اليوم لا تخلع خمارها أمامه ويدعي بأنه أخذ فتوى بأن يكفر عن اليمين بدفع النقود وهي لا تأخذ بتلك الفتوى وتريد أن تعرف هل هي تحل له؟ وهل يجوز لها أن تبقى معه لأجل الأطفال بعد أن عرفت حقيقته؟ وهل المال الذي تأخذه منه لتصرف عليها وعلى أطفالها حرام؟أفيدونا وجزاكم الله عنا كل خير

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان المقصود أن هذا الرجل جاسوس للكفار على المسلمين، وكان ذلك أمرا ثابتا وليس مجرد دعوى، فالجواب أن أهل العلم حسبما اطلعنا عليه من نصوصهم متفقون على أنه مسلم في الظاهر إذا كان فعله لغرض دنيوي، واعتقاده على ذلك سليم. قال ابن العربي في أحكام القرآن: من كثر تطلعه على عورات المسلمين وينبه عليهم ويعرف عدوهم بأخبارهم لم يكن بذلك كافرا إذا كان فعله لغرض دنيوي، واعتقاده على ذلك سليم؛ كما فعل حاطب بن أبي بلتعة حين قصد بذلك اتخاذ اليد ولم ينو الردة عن الدين.

فإذا تقرر هذا عُلِم أن مجرد كونه جاسوسا لا يؤثر على صحة نكاحه وإن كان مقترفا لذنب عظيم يجب عليه التوبة منه قبل أن يحل به سخط الله تعالى ويردى في الدنيا والآخرة، إلا أنه ما زال مسلما، وينبني على كونه مسلما أن طلاقه واقع، فإذا كان -كما ورد في السؤال- قد طلق مرتين وحرمها في المرة الثالثة، فإن قصد بالتحريم الطلاق فقد بانت منه بينونة كبرى لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره.

وإن قصد بالتحريم الظهار فهو ظهار وانظري الفتوى رقم: 58727 والفتوى رقم: 18644.

ودخولها الغرفة وهي مكرَهة موقع للتحريم لأن المكره لها هو الحالف، قال ابن قاسم العبادي في حاشيته على التحفة: فمحل عدم الحنث إذا كان المعلق بفعله مكرها إذا لم يكن الحالف هو المكره له فليتأمل . اهـ

وقال محمد العبدري المالكي المشهور بالمواق في التاج والإكليل على مختصر خليل: قال سحنون : وإن قال لزوجته: أنت طالق إن دخلت هذه الدار، فأكرهها هو أو غيره على الدخول فلا يحنث بإكراه غيره, وأما هو فأخاف أن إكراهه لها رضا بالحنث اهـ

وأما المال الذي يأخذه هذا الرجل من عمله المحرم، فمال خبيث لا يجوز له الاستفادة منه إلا في حالة الاضطرار، وانظري الفتوى رقم: 38776، لكنه إن كان له مال آخر حلال فلا يحرم على الزوجة الأخذ من أمواله حسبما فصلنا في الفتوى رقم: 6880

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني