الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أريد أن أسأل فضيلتكم عن بعض الأمور التي تسبب لي ألماً كبيراَ وهي: أنا شاب أبلغ من العمر خمسة وعشرين عاماً ونصف العام وأنعم الله علي بأن هداني إلى طاعته من حوالي سنتين وعشرة أشهر والحمد لله عملت لنفسي خطة لحفظ القراَن خلال خمس سنوات بدأت هذة الخطة من شهر شوال الماضي وواظبت من أول يوم هداني الله فيه إلى الحق على سماع أشرطة المشايخ والقراءة في كتب العلم وكذلك حضور دروس العلم في المساجد ومنذ أن أنهيت فترة خدمتي في الجيش من ثمانية أشهر وأنا لدي رغبة شديدة في طلب العلم والمشكلة هي أني ليس لي مصدر للرزق الحلال حيث إني أعيش مع أسرتي والذي يصرف على البيت هو أبي الذي يملك مقهى هي المصدر الوحيد لدخله ونحن هنا في مصر المقاهي فيها الكثير من المنكرات كلعب النرد والدومينو والبعض يلعب تلك الألعاب على مبلغ من المال أو أن الخاسر يدفع ثمن المشروبات التي شربها الجميع ، ذلك غير الدش الذي يعرض طوال اليوم الأغاني ومباريات الكرة والمصارعة الحرة ، وكذلك شرب الشيشة وغيره من السباب والنظر للفتيات المارة في الشارع وأبي يرفض أن يترك هذا العمل ، ومن المعلوم أن العمل عندنا في غالب الأحوال يستمر لمدة تتراوح بين 10 إلى 12 ساعة وأنا في بداية الطلب وأحتاج كل ساعة في عمري والسؤال الآن هل لي أن آكل من مال أبي الحرام بحجة طلب العلم وإن كانت الإجابة لا فهل أترك البيت وأبحث عن سكن أسكن فيه بمفردي وأبحث عن عمل حلال وفي هذه الحالة أترك طلب العلم بل قد لا أستطيع أن أحافظ على الصلوات الخمس في المسجد لأني لن أجد من يسمح لي بذلك في مكان عملي وهذا مجرب من قبل مما دفعني لترك العمل وفي النهاية أحب أن أعلم فضيلتكم بأني رفضت أكثر من وظيفة بسبب طول ساعات العمل أو ما فيها من المحرمات أعتذر عن طول الرسالة وأرجو من فضيلتكم سرعة الرد عليها فأني أتعرض لضغوط شديدة وكل من حولي معترض على التزامي بطاعة الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وترك منافسة أقراني في طلب الدنيا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاللعب بالنرد محرم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه. رواه مسلم. والنردشير هو النرد، عجمي معرب، و(شير) معناه حلو. وعند أبي داود وابن ماجه: من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله. ولا فرق بين النرد وبين الألعاب الأخرى التي فيها قمار أو تؤدي إلى ترك شيء من الواجبات أو يضيع فيها الوقت من غير فائدة. والمال الحاصل من الحرام يكون حراما مثله، وله عواقب وخيمة، منها الحرمان من إجابة الدعاء، كما صح بذلك الحديث، ففي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم".. وذكر الرجل أشعث أغبر، يطيل السفر، يمد يده إلى السماء يقول: يا رب، يارب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له.

ومن آثار أكل الحرام مرض القلب أو موته الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الوارد في الصحيحين عن النعمان بن بشير فإنه قال في أوله: الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات.. ثم قال في آخر الحديث: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله.. " الحديث. فإن في ذلك إشارة ظاهرة إلى الارتباط بين صلاح القلب وفساده، وبين أكل الحرام أو الحلال.

وأما عن الحكم الشرعي، فإن أهل العلم يقررون أن من كان له مال مختلط من الحلال والحرام، فإنه يجوز الأكل من ماله، وتجوز سائر وجوه معاملته، ومن تمحض ماله من الحرام لم يجز معه شيء من ذلك. ومعلوم أن دخل والدك لم يتمحض من الحرام، وإنما هو مختلط، فعليه؛ فيجوز لك أن تأكل من ماله، وإن كان الأولى ترك ذلك، وراجع الفتوى رقم: 7707.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني