الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل من قلد عالما لقي الله سالما

السؤال

ما صحة القول من قلد عالما أتى الله سالما؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان قصدك بصحة هذا القول صحة نسبته إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قال الألباني في الضعيفة إنه لا أصل له. وإن كان القصد صحة معناه في الشرع وأن من قلد عالما في مسألة أو مذهب فقد برئت ذمته فإن ذلك ليس على إطلاقه.

قال الشيخ سيدي عبد الله الشنقيطي في المراقي:

وقول من قلد عالما لقي * الله سالما فغير مطلق

ثم قال في الشرح: إنما يسلم إذا كان قول العالم راجحا، أو ضعيفا عمل به للضرورة مع حصول شروط العمل بالضعيف، أو لترجيحه عند ذلك العالم إن كان من أهل الترجيح.

وقد نقلت هذه العبارة عن عدد من علماء المذاهب الفقهية. ففي كتاب الإتقان والإحكام على تحفة الحكام لميارة المالكي أن يحيى السراج سئل فقيل له: ما تقول فيمن قلد الأبهري الذي يقول لا شيء في هذه اليمين سوى الاستغفار (الأيمان اللازمة)؟ أو قول ابن عبد البر الذي يقول إن عليه كفارة يمين؟ قال ابن السراج: فمن قلد ذلك فهو مخلص فإن من قلد عالم لقي الله سالما.

وكذلك نقلت هذه العبارة عن أصحاب المذاهب الأخرى، ففي كتاب رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين الحنفي قال: من جعل أبا حنيفة بينه وبين الله رجوت أن لا يخاف لأنه قلد إماما عالما صحيح الاجتهاد سالم الاعتقاد، ومن قلد عالما لقي الله سالما.

وعلى ذلك، فهذا القول صحيح النسبة لكثير من أهل العلم، ولكنه ليس على إطلاقه كما تقدم.

قال الإمام ابن عبد البر: أما من قلد فيما ينزل به من أحكام شريعته عالما يتفق له على علمه فيصدر في ذلك عما يخبره فمعذور، لأنه قد أدى ما عليه وأدى ما لزمه فيما نزل به لجهله، ولا بد له من تقليد عالم فيما جهله لإجماع المسلمين أن المكفوف يقلد من يثق بخبره في القبلة لأنه لا يقدر على أكثر من ذلك. وراجع للأهمية الفتويين: 6787، 17519.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني