الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلب الطلاق لأجل حبس الزوج

السؤال

1- أخت مسلمة ليبية تقيم في ليبيا, تزوجت من أخ ليبي منذ ثلاث سنوات وبعد أسبوع من الزواج قامت السلطات الليبية بالقبض على الأخ بتهمة الانتماء إلى تنظيم جهادي. وتم تقديمه للمحاكمة وحكمت عليه محكمة الشعب بالسجن المؤبد.
2- بعد إلقاء القبض على الزوج عرفت الأخت عنه أنه متزوج وله أبناء يقيمون جميعا في كندا. ولم يعلمها في الماضي أنه متزوج وعند سؤالها له أكد لها أنه أعزب ولم يسبق له الزواج. كما علمت فيما بعد أن اسمه الحقيقي غير الذي عرفته به. لأنه محكوم عليه بالسجن المؤبد ولأنه كذب عليها بخصوص زواجه السابق،
وبخصوص اسمه الحقيقي قررت الأخت الطلاق منه. ومنذ حوالي سنة مضت قدمت الأخت طلبا للطلاق منه للمحكمة في ليبيا. و بعد فترة قام محاميها بإبلاغها بأن المحكمة قد نظرت في قضيتها وحكمت لها بالطلاق, وستصدر المحكمة شهادة الطلاق لها قريبا.
4- مباشرة بعد هذا الحكم قام النظام الليبي بإلغاء محكمة الشعب التي حكمت على زوجها بالسجن المؤبد وألغيت معها جميع أحكامها بما فيها الحكم على زوجها, غير أن النظام الليبي لم يطلق سراح زوجها, وسيتم تحويل قضيته إلى محكمة أخرى للنظر فيها من جديد. ونظرا لهذا التحول الجديد في قضية زوجها رفضت أن تصدر المحكمة التي طلقت الأخت أي شهادة طلاق لها حيث اعتبرت إلغاء محكمة الشعب وإلغاء الحكم على الزوج بالمؤبد (والذي تم بناء عليه إصدار حكم الطلاق), سببا للنظر من جديد في طلب الطلاق. وأبلغوها بأنهم لن ينظروا في قضيتها إلى أن يتم تعديل الجهاز القضائي في ليبيا وإلى أن يتم تحويل قضية زوجها إلى المحكمة المختصة, الأمر الذي قد يستغرق عدة سنوات ومن المتوقع جدا أن يبقى الزوج في السجن لمدة سنوات طويلة. و الأخت لا ترغب في البقاء معه حتى وإن تم إطلاق سراحه, وهي ترغب في الحصول على الطلاق الآن.
نرجو منكم إفادتنا بالإجابة على ما يلي:
*أعلم أن هذا الموضوع من اختصاص القضاء ولكنني أطلب رأي الشرع في مسألة مهمة وهي هل يجوز أن تبقي هذه الأخت معلقة لمدة سنوات حتى تحكم لها المحكمة ؟ هي لا تريد شيئا من المحكمة ولا تريد مؤخرا أو أي حقوق لها ، هي فقط تريد أن تفك نفسها من عقد الزواج الذي أصبحت هي متضررة منه الآن بسبب غياب سجن الزوج الذي حكم عليه بالمؤبد ، علماً بأن زواجها منه مدته أسبوع فقط وليس لديها أطفال منه .
*هل هناك طريقة يمكن أن يتم بها الطلاق عن طريق شيخ من أهل الذكر ( أو مأذون شرعي ) بما لا يتعارض مع شرع الله ، لأنها لا تحتاج إلى أوراق رسمية للطلاق ، المهم لديها أن تكون في حل من هذا الزواج ولا تريد أن تنتظر المحاكم التي قد تحتاج إلى سنوات حتى تحكم لها لأمور أمنية خاصة بملف زوجها ؟ ولا تريد أن تبقى على ذمة هذا الزوج.
*في حالة حصولها على الطلاق, هل تجب عليها العدة حيث إنها لم تعاشر هذا الزوج طوال السنوات الثلاثة الماضية التي قضاها في السجن؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما ذكرته السائلة من كون زوجها لم يخبرها بزواجه السابق أو أنه أعطاها اسما غير اسمه الحقيقي- مع أن هذا الأخير قد يترتب عليه كذب وغش- لا يبرر لها طلب الطلاق وحده، ولا يؤثر في عقد النكاح، وهي الآن في عصمة هذا الرجل ولا يثبت الطلاق بقول المحامي المذكور.

والذي ننصح به أن تحاول الاتصال بزوجها وتطلب منه أن يطلقها وتشرح له ظروفها وأنها بحاجة إلى الطلاق، فلعل الله يشرح صدره لإجابة طلبها ويخلي سبيلها دون حاجة إلى اللجوء إلى المحاكم، ويمكن حينئذ توثيق هذا الطلاق عند المأذون الشرعي أو غيره من الجهات المختصة، وعليها في حالة وقوع الطلاق أن تعتد بثلاث حيضات، فإن مضت دون أن يراجعها زوجها بانت منه، ولتراجع الفتوى رقم: 6922، لكن بما أنه الآن مسجون، وأن مدة سجنه قد تطول، وقد تكون متضررة من البقاء في عصمته على هذه الحالة فإن المسألة حينئذ تصبح من باب طلب التفريق لأجل حبس الزوج وهي مسألة مختلف فيها.

جاء في الموسوعة الكويتية : إذا حبس الزوج مدة عن زوجته , فهل لزوجته طلب التفريق كالغائب ؟ الجمهور على عدم جواز التفريق على المحبوس مطلقا , مهما طالت مدة حبسه , وسواء أكان سبب حبسه أو مكانه معروفين أم لا , أما عند الحنفية والشافعية فلأنه غائب معلوم الحياة , وهم لا يقولون بالتفريق عليه كما تقدم , وأما عند الحنابلة فلأن غيابه لعذر. وذهب المالكية إلى جواز التفريق على المحبوس إذا طلبت زوجته ذلك وادعت الضرر , وذلك بعد سنة من حبسه , لأن الحبس غياب , وهم يقولون بالتفريق للغيبة مع عدم العذر , كما يقولون بها مع العذر على سواء كما تقدم. انتهى من الموسوعة.

وعليه، فلا يمكن الحكم التفريق بين هذه المرأة وزوجها إلا بالرجوع إلى المحاكم الشرعية في بلدها .

أما في حال أن المحكمة السابقة لم تحكم بالطلاق فليس من حق هذه المرأة أن تتزوج لأنها ما زالت على ذمة زوجها الأول. والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني