الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المعيار الشرعي لحل تناول الطعام المحرم

السؤال

إذا كنت جائعا وصادفت مأكولات محرمة، فهل يجوز أكلها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن من أصابه الجوع المضر ولم يجد طعاماً حلالاً جاز له تناول ما يسد رمقه من الحرام، قال الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام:119}، وقال تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {المائدة:3}.

فيجوز للمضطر أكل الميتة والخنزير والتزود حتى يأمن على نفسه، قال مالك في الموطأ: من أحسن ما سمعت في الرجل المضطر إلى الميتة أنه يأكل منها حتى يشبع، ويتزود فإن وجد غنى عنها طرحها.

ولكن لا يجوز له أكل الآدمي ولو خاف على نفسه الهلاك، وذهب بعض أهل العلم إلى جواز الأكل منه للمضطر. ويقدم الميتة على لحم الخنزير، كما يقدم طعام الغير على الميتة إذا لم يخف قطع يده في السرقة.

وإذا كان مضطراً ومنعه صاحب الطعام من طعامه جاز له أخذه عنوة إذا لم يجد ميتة ولا إثم عليه.

ومحل هذا عند بعض أهل العلم إذا خشي على نفسه الهلاك... وليس مجرد الجوع العادي، ولا يشترط أن يصل إلى حالة يشرف فيها على الهلاك. قال ابن عاشور في التحرير والتنوير عند تفسير قول الله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ.....: فالآية إيماء إلى علة الرخصة وهي دفع البغي والعدوان بين الأمة، وهي أيضاً إيماء إلى حد الضرورة وهي الحاجة التي يشعر عندها من لم يكن دأبه البغي بأنه سيبغي ويعتدي، وهذا تحديد منضبط، فإن الناس متفاوتون في تحمل الجوع ولتفاوت الأمزجة في مقاومته، ومن الفقهاء من يحدد الضرورة بخشية الهلاك، ومرادهم الإفضاء إلى الموت والمرض، وإلا فإن حالة الإشراف لا ينفع عندها الأكل.اهـ

والحاصل أن المضطر يجوز له الأكل من الحرام ما يرفع عنه الضرر، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 26655، والفتوى رقم: 12265.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني