الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تسمية الفائدة الربوية رسوم خدمة

السؤال

سؤالي في المعاملات المالية، وهو الآتي:
أصدرت وزارة الداخلية في بلادنا قراراً بمنح قروض إسكانية، يهمنا منه ثلاث مواد، وهما يلي: - تتولى وزارة المالية إيداع مبالغ مالية من خزينة المجتمع على هيئة ودائع تعطى (لمصارف محددة)، وتحدد الوزارة قيمة كل وديعة بالاتفاق فيما بينها وبين المصرف المعني، وتبرم اتفاقية بقيمة الوديعة ومدتها بين الطرفين، بسعر خدمة قدرها (1%).- تقوم المصارف المذكورة بالمادة المذكورة بالإقراض المباشر للمستفيدين للأغراض السكنية العقارية.- يحدد رسم الخدمة الذي تتقاضاه المصارف المذكورة من المستفيدين، بنسبة قدرها (2%) من قيمة القرض يوزّع على النحو الآتي:* • 1 % من قيمة القرض، يوجّه لخدمة الوديعة.* • 1 % من قيمة القرض يوجه لخدمة القرض ذاته لدى المصرف المعني.
هذه هي المواد المهمة في القرار، أود قبل طرح سؤالي –إن تكرمتم– أن أعلمكم بأن هذه المصارف لا تتعامل مباشرة مع المستفيدين، على معنى أنه لا وجود فيها لحسابات جارية خاصة بالأشخاص، بل الحاصل في برنامجها للاقتراض –عموماً– أن (توجهك) لمصرف تتعامل معه بالخصوص، كي تستلم مبلغ القرض، وهذا المصرف هو من المصارف المعروفة التي بها حسابات جارية وعملاء..... إلخ، أعود لأقول: إن ما أثار بعض اللبس في صياغة تلك المواد، هو وجود بعض الاصطلاحات غير المفهومة بدقة لدينا، نحن غيرَ المتخصصين، وهي: رسم الخدمة... 1%، و1% المذكورتان –طبيعتهما تحديداً– دلالة الوديعة، وحكمها بين أجهزة الدولة الواحدة، ألا ينطوي على نوع من الحيلة، لكن لكل ذمته المالية المستقلة قانوناً، إزاء كل ما سلف، ما حكم الاقتراض من تلك المصارف، بناءً على ما ذكر، عموماً فأرجو من سعادتكم التكرم بالإجابة الواضحة المعززة بدليلها؟ وأسألكم بالله العظيم ألا تحيلوني على أجوبة مسبقة، أخشى ألا تشفي غليلي، وإذا كان الاقتراض هكذا أمراً محرماً؛ لانطوائه على ربا، فهل لقاعدة: الضرورة تبيح المحظور، من محل لإعمالها ههنا، وإن كان كذلك فما ضوابطها، هل تقدر بقدرها فقط، وإذا كانت الإجابة بالنفي، فلماذا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فحقيقة المعاملة المذكورة هي أن البنك يقرض المستفيدين بفائدة ربوية قدرها 2% ولكنهم يسمون تلك الفائدة الربوية رسوم خدمة، وعليه فإن هذا القرض حرام ولا يجوز الإقدام عليه، وحرمة الربا من المعلوم من الدين بالضرورة، وقد ورد في ذلك النهي الشديد والوعيد الأكيد، والآيات والأحاديث في ذلك لا تكاد تحصى.

وتسمية الربا برسوم خدمة لا يغير الحكم لأن العبرة بالحقائق لا بالمسميات، نعم يجوز للبنك أن يفرض على المستفيدين رسوم خدمة، ولكن على أن تكون بقدر الخدمة ولا تكون نسبة من المبلغ.

أما عن الضرورة فإذا بلغ الأمر بالشخص حد الضرورة وهو أن يبلغ حالاً لو لم يأخذ فيها الربا لهلك أو قارب على الهلاك، فلا حرج عليه في ذلك لقاعدة الضرورات تبيح المحظورات.

ولكن -كما هي القاعدة المجمع عليها عند الفقهاء-: الضرورة تقدر بقدرها، فلا يجوز للمضطر أن يتجاوز محل الضرورة لأن الأصل في ذلك العمل التحريم، وإنما أبيح للضرورة فلا يجوز التوسع في الحرام إلا بقدرها، فإذا زالت الضرورة رجع الأمر إلى الأصل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني