الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مصير أبوي النبي صلى الله عليه وسلم

السؤال

هل أم الرسول صلى الله عليه وسلم وأباه كانا على دين إبراهيم عليه السلام أي أحناف وما تفسير قوله تعالى: ونرى تقلبك في الساجدين.الرجاء الإجابة مع ذكر الأدلة والمراجع ودرجة صحة الأحاديث واختلاف العلماء إذا وجد.مع الشكر الجزيل عسى الله أن ينفع بكم أمة المسلمين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف أهل العلم في مصير أبوي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصحيح أنهما في النار، لما ورد في ذلك من الأخبار الصحيحة، فقد جاء في صحيح مسلم: أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم أين أبي؟ قال: إن أباك في النار. فلما أدبر دعاه فقال: إن أبي وأباك في النار. وفي صحيح مسلم أيضاً قال: استأذنت ربي أن أزور قبر أمي فأذن لي، واستأذنته في أن أستغفر لها فلم يأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكرة الآخرة.

وراجع في الموضوع فتوانا رقم: 1041.

وأما تفسير الآية المذكورة، فإنه محل خلاف بين العلماء، ونذكر لك فيها ما أورده الألوسي في تفسيره روح المعاني، حيث قال: وتقلبك أي ويرى سبحانه تغيرك من حال كالجلوس والسجود إلى آخر كالقيام. في الساجدين أي فيما بين المصلين إذا أممتهم وعبر عنهم بالساجدين لأن السجود حالة مزيد قرب العبد من ربه عز وجل وهو أفضل الأركان على ما نص عليه جمع من الأئمة، وتفسير هذه الجملة بما ذكر مروي عن ابن عباس وجماعة من المفسرين إلا أن منهم من قال: المراد حيث تقوم إلى الصلاة بالناس جماعة وقيل: المعنى يراك حين تقوم للتهجد ويرى تقلبك أي ذهابك ومجيئك فيما بين المتهجدين لتتصفح أحوالهم وتطلع عليهم من حيث لا يشعرون وتستبطن سرائرهم وكيف يعملون لآخرتهم، كما روي أنه لما نسخ فرض قيام الليل طاف صلى الله عليه وسلم تلك الليلة ببيوت أصحابه لينظر ما يصنعون حرصاً على كثرة طاعتهم فوجدها كبيوت النحل لما سمع لها من دندنتهم بذكر الله تعالى والتلاوة، وعن مجاهد أن المراد بقوله سبحانه: وتقلبك في الساجدين تقلب بصره عليه الصلاة والسلام فيمن يصلي خلفه، فإنه صلى الله عليه وسلم كان يرى من خلفه، ففي صحيح البخاري عن أنس قال: أقيمت الصلاة، فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال: أقيموا صفوفكم وتراصوا فإني أراكم من وراء ظهري.

وفي رواية أبي داود عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: استووا استووا استووا والذي نفسي بيده إني لأراكم من خلفي كما أراكم من بين يدي. ولا يخفى بعد حمل ما في الآية على ما ذكر.

وقيل: المراد بالساجدين المؤمنون والمعنى يراك حين تقوم لأداء الرسالة ويرى تقلبك وترددك فيما بين المؤمنين أو معهم فيما فيه إعلان أمر الله تعالى وإعلاء كلمته سبحانه وتعالى وتفسير الساجدين بالمؤمنين مروي عن ابن عباس وقتادة إلا أن كون المعنى ما ذكر لا يخلو عن خفاء.

وعن ابن جبير: أن المراد بهم الأنبياء عليهم السلام، والمعنى ويرى تقلبك كما يتقلب غيرك من الأنبياء عليهم السلام في تبليغ ما أمروا بتبليغه وهو كما ترى، وتفسير الساجدين بالأنبياء رواه جماعة منهم الطبراني والبزار وأبو نعيم عن ابن عباس أيضاً، إلا أنه رضي الله تعالى عنه فسر التقلب فيهم بالتنقل في أصلابهم حتى ولدته أمه عليه الصلاة والسلام وجوز على حمل التقلب على التنقل في الأصلاب أن يراد بالساجدين المؤمنون واستدل بالآية على إيمان أبويه صلى الله عليه وسلم كما ذهب إليه كثير من أجلة أهل السنة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني