الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال المنهي عنه في آية المائدة

السؤال

ما هي نوعية الأسئلة المرادة في الآية 101 من سورة المائدة، وهل كل سؤال ينتظر من إجابته مشقة على النفس يدخل في هذا الباب؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأسئلة المقصودة في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْهَا وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ {المائدة:101}، هي التي لا فائدة منها وقد تسيء السائل إن ظهر له جوابها أو شق عليه، قال ابن كثير: نهاهم أن يسألوا عن أشياء مما لا فائدة لهم في السؤال والتنقيب عنها لأنها إن ظهرت لهم تلك الأمور ربما ساءتهم وشق عليهم سماعها، وقال الطبري: إذا بدا لكم حقيقة ما تسألون عنه ساءكم إبداؤه، كالذي سأل من أبي؟ فقيل له: أبوك فلان، أو الذي سأل أين أبي؟ فقيل له: في النار، أو الذي قال: أفي كل عام يا رسول الله، قال: لا، ولو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم. فذلك مما روي في سبب نزول تلك الآية ومثله أسئلة الاستهزاء والتعنت، كما قال ابن حجر. والحاصل أنها نزلت بسبب كثرة المسائل، إما على سبيل الاستهزاء أو الامتحان وإما على سبيل التعنت.

فتلك الأسئلة التي لا تفيد المسلم وربما يسوؤه جوابها، وأسئلة الاستهزاء والتعنت كل ذلك مما يشمله النهي في الآية. وأما سؤال أهل العلم عن أمور الدين وأهل الخبرة عما يفيد في الدنيا فغير داخل في ذلك النهي، قال الشوكاني: ولا بد من تقييد النهي في الآية بما لا تدعو إليه حاجة؛ لأن الأمر الذي تدعو الحاجة إليه في أمور الدين والدنيا قد أذن الله بالسؤال عنه فقال: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ. وقال صلى الله عليه وسلم: قاتلهم الله ألا سألوا فإنما شفاء العي السؤال. أخرجه أصحاب السنن إلا الترمذي وحسنه الألباني.

وقال ابن عبد البر: السؤال اليوم لا يخاف أن ينزل تحريم ولا تحليل من أجله، فمن سأل مستفهما راغباً في العلم ونفي الجهل عن نفسه باحثاً عن معنى يجب الوقوف في الديانة عليه فلا بأس به، فإنما شفاء العي السؤال، ومن سأل متعنتاً غير متفقه ولا متعلم فهو الذي لا يحل قليله ولا كثيره.اهـ

إذاً فالسؤال عن أمور الدين واجب على المسلم ولو كان في جوابه مشقة، لأن محل النهي أوان نزول الوحي كما قال ابن العربي والشوكاني، وأما السؤال لأجل الاستهزاء أو التعنت وعما لا يفيد المسلم فإنه مما تشمله الآية، وجاءت السنة بالنهي عنه كما في حديث المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنع وهات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال. متفق عليه واللفظ للبخاري.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني