الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السفر للزواج بفتاة متدينة

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
عندي أمر حيرني و استعسر علي بعض الشيء فهمه..و هو متعلق بحديث إنما الأعمال بالنيات..
هل من سافر للزواج بفتاة متدينة أعجب بدينها و خلقها و أراد إعانتها على أمر دينها وهو أحبها لأجل حرصها على دينها و تمسكها به..هل هذا يعتبر من الذين كانت نيتهم للدنيا؟ لأن في قوله صلى الله عليه وسلم \"من كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه\" فهل هذا الزواج يعتبر إرادة للدنيا ويعتبر غير مأجور عليه؟
لا أدري..كيف يمكن التوفيق بين ذلك الحديث الذي كأنه يقول عن الزواج كأنه فقط من متاع الدنيا..أخشى أن زواجي هذا لا أدري...إن كانت الغاية منه ما عند الله والغاية منه ابتغاء مرضاته وبناء بيت مسلم وأن تكون زوجته في الجنة وهذا كان القصد من البداية فهل تعتبر النية صحيحة هكذا؟الحديث مفزع..و الله المستعان..فنحن ما تزوجنا إلا لإعجاب كل منا بتدين الآخر وإسلامه والتزامه وقد استشرت أحد المشايخ الذي يعرف الفتاة و نصحني بالزواج بها لأنها على خلق ودين وكانت تفرق بيننا المسافات ولم يمكننا الزواج إلا بعد السفر..في انتظار تفسيركم حفظكم الله تعالى..
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه. متفق عليه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو حديث متفق على صحته، أخرجه الأئمة المشهورون إلا مالكا.

وهذا الحديث يعني أن الأمور تبع لمقاصدها، فالذي يدعي أنه يهاجر إلى الله ورسوله وهو يريد غرضا آخر، فإنه مذموم من حيث كونه يظهر من العبادة خلاف ما يبطن، وأما من هاجر يطلب التزويج، أو يريد الهجرة إلى الله والتزويج معا ولم يبطن من القصد خلاف ما يظهر، فليس في فعله هذا مذمة، قال ابن حجر في "فتح الباري": فأما من طلبها مضمومة إلى الهجرة، فإنه يثاب على قصد الهجرة، لكن دون ثواب من أخلص، وكذا من طلب التزويج فقط، لا على صورة الهجرة لله، لأنه من الأمر المباح الذي قد يثاب فاعله إذا قصد به القربة كالإعفاف...

ومن هذا تعرف أن من سافر للزواج بفتاة متدينة، وقد أعجب بدينها وخلقها، وهو يريد إعانتها على أمر دينها، وهو إنما أحبها لأجل حرصها على دينها وتمسكها به، وأراد أن تكون زوجته في الجنة، أنه لا يعتبر من الذين كانت نيتهم للدنيا فقط. بل هو مأجور عند الله تعالى بما أراده من الخير وإعفاف النفس.

وليس في هذه الإرادة أي تعارض مع الحديث المذكور، كما تبين من الشرح الذي بينا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني