الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استعمال الهاتف النقال إذا كان يسبب السرطان

السؤال

هناك حديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك، فهناك أشياء كثيرة تحرم استنادا إلى هذا الحديث، مع العلم بأن الجميع يفعلها، مثل: السيارات وطرق النقل اليوم كلها بالبنزين وأنتم تعلمون أن هذا يضر بالبيئة وبالناس ويؤدي إلى حدوث تلوث... فهل ركوب السيارة وشراؤها حرام، الخلوي (الهاتف النقال) أثبت البعض أن إشعاعه مضر وبعض الأحيان يؤدي إلى حدوث سرطان، فهل يحرم الهاتف النقال، استنادا إلى الحديث؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا ثبت أن الهاتف المحمول يسبب السرطان، فإنه لا يجوز استعماله، إلا على وضع يسلم فيه المرء من ذلك عادة، ومن استعمله استعمالاً يؤدي إلى الضرر مع غلبة الظن بذلك وهو غير مضطر له، فقد فعل محرما وإن أدى إلى القتل عادة يكون حينئذ من قتل الشخص لنفسه والإلقاء باليد إلى التهلكة، وقد نهى الله عن كل ذلك، قال الله تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء:29}، وقال الله تعالى: وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {البقرة:195}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك وأبو داود وابن ماجه وغيرهم.

ولكن الذي نعرفه هو أن الضرر المذكور عن الهاتف النقال هو مجرد احتمال، وأن أهل الاختصاص مختلفون في الأضرار التي تنتج عنه، فمنهم من يثبت بعض الأضرار ومنهم من ينفيها، ولا يزال في الأمر غموض، ومع هذا نقول يجب طرح الأمر على أهل الاختصاص، والعمل بما يشيرون به.

وأما السيارات وطرق النقل، فإن لها من المنافع ما يجعلها ضرورية في العصر الحاضر لكثير من الناس، وحاجية للبعض الآخر منهم، وعليه فضررها إذا لم يتجاوز حدوث تلوث البيئة، مما لا يترتب عليه في الغالب شيء كبير، أو أن ترتب ذلك عليه أمر موهوم وليس بالغا درجة الشك ولا الظن، فإن قواعد الشرع تقتضي لذلك إباحتها، لأن الضرر ولو كان محققاً إذا قوبل بمصلحة راجحة عليه جاز ارتكابه تحصيلا لتلك المصلحة الراجحة، وأحرى إن كان الضرر لا يبلغ درجة الظن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني