الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محاورة الوالد تكون باللين والمعروف

السؤال

أود أن أشكر سيادتكم الكريمة للتكرم على الإجابة لأسئلتنا، وأدعو الله العزيز الحكيم أن يكرمك بالثواب الجزيل والخير الوفير في الدنيا والآخرة اللهم آمين
سؤالي هو أمر يتعلق بمفهوم الإسلام.. فمنذ زمن بعيد .. كانت أفكاري عن الإسلام أنه دين تشدد و كبت للحرية الإنسانية من العيش .. و هذه الأفكار مستوحاة من الإعلام و من والدي .. حيث إن والدي شجعني وبقوة في أن أدخل معترك الرجال .. من حيث إن لدي قوة الحجة وقوة الكلام .. أي إنني لا أخجل أن أحادث رجلا و أدخل معه في سلسلة نقاشات طويلة ..
و كنت ألبس العباءة التي بالكتف و لم أكن متحجبة و مع مرور الأيام كنت أطلب من الله أن يهديني إلى طريق الصواب إلى النور فبدأت بقراءة الكتب الإسلامية و قراءة القرآن و المداومة عليه و الحمد لله .. تغير فكري عن دين الله و بدأت الصورة تتضح و بالتدرج تحجبت كاملا ..
لا أرفض لأبي طلبا و لكنه لم تعجبه فكرة الحجاب و بصمت لم أجادله بل تركت الأمر لله و تغيرت عاداتي فاتصفت بالحياء و الخجل الكبيرين ..
المشكلة أن أبي يرى هذا التغير سلبيا خاصة في هذا الزمن أي أنني قد لا ألقى لقمة تعيشني فيخاف علي من أن انغلق على نفسي لدرجة انه اتهمني بأنني أتعمد أن أحرجه أو انصرف عن مساعدته \" من ناحية أن أتحدث إلى الرجال\" .. فيصفني بأنني أكيده و قد آلمني حديثه و ضاقت نفسي فلا أقصد أن أجرحه أبدا ولكنه لا يستمع إلي بل لطمني بكلماته وخرج.. هل أنا أعتبر عاقة؟ و هل أنا آثمة؟ ماذا علي أن أفعل؟
شكرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنحمد الله أولا على أن هداك لمعرفة حقيقة الإسلام وأنه ليس كما يصوره شياطين الإنس في وسائل الإعلام وغيرها . ونحمده أن أنار بصيرتك وبين لك صورة الإسلام الصحيحة.

ونحمده كذلك على أن أنقذك من السفور وألبسك لباس الحياء الذي هو شعبة من الإيمان وخير ما تزينت به النساء ، فهذه نعم من الله منَّ بها عليك ينبغي لك المحافظة عليها، وعليك في الوقت نفسه أن تعلمي ما لوالدك عليك من الحق ، فإن الإسلام قد رفع شأن الوالدين وحقهما حتى إنه لا يقدم على حقهما حقا سوى حق الله سبحانه، فأمر سبحانه بحقهما بعد حقه مباشرة في قوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا. {الإسراء : 23}

وقرن شكرهما بشكره في قوله: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ { لقمان :14} ولا يختص هذا البر وهذه الوصايا بالأب الطائع المتدين التقي، لا بل تعم حتى الفاسق والمشرك قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. { لقمان : -15}.

فعليك أن تبري والدك وتطيعيه في كل أمر تستطيعينه ما لم يكن معصية ، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

وعليك أن تحسني معاملته وتليني له في الكلام وتشعريه بأنك لا تقصدين إحراجه أو مخالفته، ولكن الأمر يتعلق بدين الله.

وعليك دعوته للهداية التي من الله بها عليك لعل الله أن يكتب له الهداية على يديك.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني