الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسألة ميراث متعددة الاحتمالات

السؤال

لي 3 بنات لعمي توفين ومن قبلهن عمي منذ 4 سنوات ولم يلد غيرهن، أما الأم ففي المستشفى الآن بين الحياة والموت أريد أن أعرف كيفية توزيع التركة وهل الأعمام الأحياء فقط هم من يرثونهم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالذي فهمناه من سؤالك هو أن بنات عمك الثلاث قد توفين وخلفن أما وأعماماً، وكان من قبل قد توفي أبوهن، وثمت أمران لم توضحهما في السؤال وهما:

- ما إذا كانت الأم التي ذكرت أنها في المستشفى هي زوجة عمك المتوفى أم أنه قد طلقها وبانت منه قبل وفاته.

- وما إذا كانت البنات الثلاث قد توفين مترتبات أو توفين في وقت واحد.

وعليه، فنقول إنه على تقدير أن الأم هي زوجة للعم ولم تبن منه حتى توفي رحمه الله فإن لها من تركته الثمن لوجود الفرع الوارث، قال تعالى: فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ {النساء: 12}.

وللبنات ثلثا ما ترك، قال الله تعالى: فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ {النساء: 11}.

والباقي يكون لإخوته تعصيباً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر. كما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما.

وعلى تقدير أن الأم ليست زوجة للعم المذكور، فإنما تأخذ البنات ما فرض لهن، وهو الثلثان كما تقدم، وجميع الباقي يكون لإخوة الميت.

ثم البنات إن كن قد توفين مترتبات، فإن أولاهن موتاً ترث منها أمها السدس لوجود الأختين الأخريين، قال تعالى: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ {النساء: 11}. وللأختين الثلثان، قال تعالى: فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ {النساء: 176}. والباقي يكون للأعمام تعصيباً.

فإذا ماتت الثانية ورثت منها أمها الثلث لأنها لم تخلف إلا أختا واحدة، ويكون للأخت النصف، قال الله تعالى: قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ {النساء: 176}. وباقي إرثها يأخذه الأعمام تعصيباً.

ثم إذا ماتت آخر الأخوات ورثت منها الأم الثلث، والباقي يكون للأعمام تعصيباً.

وأما على تقدير أن بنات عمك قد توفين في وقت واحد أو أنه لم تعلم السابقة منهن من المتأخرة، فكما إذا كن قد توفين تحت هدم بناء أو في حادث سير ونحو ذلك، فإن أياً منهن لا ترث من الأخرى، ويكون ثلث جميع متروكهن للأم فرضا، وباقيه للأعمام تعصيباً.

ولا تأثير لمرض الأم على التركة، لأنها إن شفيت أخذت ما استحقته، وإن توفيت أخذه ورثتها، فهو لها إذاً على كل حال، طالما أن موتها تأخر عن موت مورثها ولو بلحظة.

ثم أإنا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية، وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لابد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذا قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني