الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السلعة إذا هلكت في فترة الخيار بغير تفريط من المشتري

السؤال

بعد الشكر للإخوة القائمين على هذا الموقع.لدي سؤال يحيرني منذ أربع سنين أنا تاجر اشتريت بعض السلع من أحد التجار وأعطاني ضعف ما طلبت أو دفعت سهوا منه فلما كلمته أني لم أطلب كل هذه السلع قال اتركها إلى أن تستعملها ثم ادفع الثمن الباقي فجاء قدر الله أن ضرب زلزال فتكسر بعضها سؤالي كيف أتصرف في السلعة الباقية أو التي تكسرت؟ مع العلم أنه لم يتصل بي منذ أن سلمني تلك السلعة أي منذ أربع سنوات أرجو الإجابة عن هذا السؤال الذي يقلقني مع ألف شكر

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن السلع التي استلمتها تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: هو السلعة التي طلبتها واستلمتها، فهذه السلعة إذا تلفت فأنت الضامن لها، ولا ينفسخ البيع بتلفها بسبب الزلزال، ففي (الموسوعة الفقهية): اتفق الفقهاء على أن تلف كل المبيع بعد القبض لا يفسخ به البيع، والهلاك يكون على المشتري وعليه الثمن، لأن البيع تقرر بقبض المبيع فتقرر الثمن -هذا من حيث الجملة- سواء أكان التلف بآفة سماوية أم بفعل المبيع أم بفعل المشتري.

القسم الثاني: هو السلعة التي استلمتها خطأ، ثم طلب منك صاحبها أن تبقيها عندك إلى أن تستعملها ثم تؤدي ثمنها، فأتلف الزلزال بعضها، فأما ما لم يتلف منها، فهو على الاتفاق السابق بينكما، أي أنك إذا استعملته فعليك أن تؤدي ثمنه.

وأما ما أتلفه الزلزال، فإن قول صاحب السلعة لك: اتركها إلى أن تستعملها ثم ادفع ثمنها. يفهم منه أنه خيرك بين استعمالها ودفع ثمنها، وبين ردها إذا لم تستعملها، وهذا خيار، ومدته ما لم تُستعمل السلعة، أي أنك مخير بين إمساك السلعة أو ردها ما لم تستعمل هذه السلعة.

كما جاء في (الفتاوى الهندية): وإذا باع من آخر ثوباً بعشرة دراهم ثم إن البائع قال للمشتري: لي عليك الثوب أو عشرة دراهم، قال محمد رحمه الله: هذا عندنا خيار.

والسلعة إذا هلكت في فترة الخيار بغير تفريط من المشتري، فالضمان فيها على البائع، فقد ورد في (المدونة): قلت: أرأيت إن كان إنما اشترى حيواناً أو دواب أو رقيقاً على أنه بالخيار ثلاثاً فادعى المشتري أن الدواب أفلتت منه والرقيق أَبَقوا أو ماتوا؟ قال: القول قول المشتري، وهو مصدق في ذلك، ولا يكون عليه شيء، لأن هذا ليس مما يغاب عليه، والموت إذا كان بموضع لا يجهل موته، سئل عن ذلك أهل تلك القرية ولا يقبل في ذلك إلا قول عدول، فإن عرف في مسألتهم كذبه أغرمه، وإن لم يعرف كذبه حمل من ذلك ما يحمل وحلف عليه وقبل قوله، وقد قال مالك... قلت: أرأيت كل سعلة اشتريتها على أني بالخيار فيها من ثوب أو عرض سوى الحيوان، فغبت عليها ثم ادعيت أنها تلفت في أيام الخيار، أيكون القول قولي في قول مالك؟ قال: قال مالك: هو ضامن. قلت: فإن أتى بالبينة على أن السلعة التي غاب عليها قد هلكت هلاكاً ظاهراً يعرف من غير تفريط من المشتري؟ قال: يكون من البائع. انتهى من المدونة.

ومدة الخيار هنا هي: إلى أن تستعمل هذه السلعة، فإذا هلكت قبل استعمالها فهي في مدة الخيار.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني