الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا حرج عليك في الزواج طالما أثبتت الفحوص سلامتك من المرض

السؤال

كنت قد حاولت أن أحل هذه المشكلة لوحدي لكني فشلت، وإني أتوجه إلى حضرتكم بطلب المساعدة.أنا شاب أبلغ من العمر 24 عاما لقد تربيت في بيت إيماني محافظ جدا وكنت دائما سريعا في طاعة الله وبطيئا في معصيته إلى أن حدثت الكارثة ألا وهي أني قبل سنة ونصف وقعت بالزنا مع فتاة أجنبية لا يوجد بيننا أي معرفة سابقة سوى أني قابلتها في الفندق الذي كنت أعمل فيه وكنت متمنعا عنها وعن غيرها إلى أن أوقعت بي المهم أني أقمت معها علاقة جنسية محرمة لمرة واحدة وإني أدعو الله لي ولكل شباب المسلمين بالصلاح والهداية وأستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو، يا إخواني بعد هذه الغلطة الفادحة رجعت إلى الله تعالى فورا وندمت ندما شديدا إلى درجة البكاء في الصلاة على ما فعلت واستغفرت الله تعالى حق الاستغفار فتركت العمل بالفندق وذهبت للعمل في محطة للوقود بعد فترة قصيرة رجعت حياتي طبيعية وزاد إيماني بالله تعالى ولكن بعد خمسة أشهر جاءني وسواس بأني مصاب بمرض الإيدز (والعياذ بالله) خاصة بأني لم أستعمل واق جنسي إني أكتب هذه القصة وكلي خجل من الله ومنكم سامحني الله فذهبت لعمل فحص للإيدز في اليوم التالي فقالوا لي ارجع بعد اسبوعين لتلقي النتيجة وكانت والحمد لله سلبية (أي أن جسمي خال من هذا الفيروس) فحمدت الله و صليت ركعتين شكرا لله فهدأت أعصابي وعدت طبيعيا لكن لا أدري لماذا في ذلك اليوم ذهبت للمكتبة للاطلاع على هذا المرض وما هي فرص الإصابة به وأعراضه وطرق الكشف عنه والمصيبة التي أصابتني والتي أعاني منها الآن هي حين قرأت أن الفحص الذي عملته والذي اسمه Elisa غير دقيق وأنه من الممكن أن لا يكشف الفيروس لأن مبدأ عمله هو البحث عن الأجسام المضادة للفيروس في الدم وأنه من الممكن أن يكون الجسم مصابا به ولكنه لم ينتج أجساما مضادة وأن الفترة الواقعة ما بين الاصابة الفعلية وبين تكوين الأجسام المضادة تختلف من شخص ألى آخر المعدل هو ثلاثة أشهر ولكن بعض الناس يستغرق جسمهم ستة أشهر والبعض الآخر سنة ومنهم من لا ينتج جسمهم أجساما مضادة للفيروس بالدم طوال الحياة فيعتقدون أنهم غير مصابين بالمرض فتظهر الأعراض عليه فجأة بعد سبع أو ثماني سنوات بدون أي سابق إنذار بعد أن قرأت هذا بدأ الخوف والقلق يسيطران علي وبدأت الوساويس تنخر في صدري إلى أن ضاق حالي وفقد من وزني وتساقط شعري من الهم والغم وظننت أنها النهاية بالنسبة لي فتوجهت لله عز وجل فخفف ذلك من ألمي لكني أصبحت في حالة نفسية يرثى لها فتحطمت كل طموحاتي وآمالي بالحياة والمصيبة الكبرى التي من أجلها توجهت إليكم هي أني أصبحت خائفا من الزواج أي أني خائف من أن أكون مصابا بالمرض وأن أنقله لزوجتي للفتاة التي سأحبها وأن أحملها نتيجة خطأ أرتكبته أنا وهي لا دخل لها فيه و لأولادي مستقبلا والذي بدوره سيحول حياتي إلى جحيم دائم.أرجوكم ساعدوني أنتم الأمل الوحيد الذي لدي لكي أخرج من هذه الحالة بعد الله أرجوكم أني في ضائقة من أمري ماذا يجب علي أن أفعل لكي أتأكد من أني غير مصاب بهذا المرض مطلقا؟ ماذا أفعل في موضوع الزواج أريد أن أتزوج لكني خائف من مفاجآت بعد الزواج والتي يمكن أن تقضي علي وعلى أسرتي؟ وهل هنالك أنواع أخرى من الفحوصات التي تنصحونني بعملها؟هل يجب علي أن أتوجه إلى طبيب نفساني؟ أو هل يجب علي أن أذهب إلى شيخ لكي يفك عني الشيء المسمى ب(العمل)؟ أم ماذا؟أرجوكم أن لا تتجاهلوا رسالتي هذه وأن تعطوني إجابة وافية وشافية ومفصلة وأن تستفيضوا لي بموضوع التأكد من عدم الإصابة حتى وإن كلفكم ذلك الاستعانة بأطباء متخصصين.وأتمنى أيضا ان تساعدوني بموضوع الزواج وأن تركزوا عليه، لدي رغبة كبيرة بالزواج لكني خائف جدا..ماذا علي أن أفعل للتخلص من الوسواس الذي بصدري ؟؟؟في النهاية بارك الله فيكم ودمتم ذخرا للأمة وإني آسف لأني قد أطلت عليكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، قال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه: 82}. وقال: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ {البقرة: 222}. وقال: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53}.

وبما أنك نادم على ما فعلت أشد الندم، فعسى الله أن يتجاوز عنك، بل لعل الله أن يبدل لك هذا الذنب حسنة لما صرت فيه من التوبة وصلاح الحال، فقد قال الله تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان: 68-70}.

فهون على نفسك من هذه الوساوس واثبت على توبتك، فرب معصية انقلبت إلى نعمة على صاحبها بسبب ما أحدثه بعدها من التوبة.

ولا حرج عليك في أن تتزوج، طالما أن الفحوص قد أثبتت سلامتك من المرض الذي تخشى أن تكون مصاباً به، ولا يعنيك بعد ذلك أن تكون الفحوص غير دقيقة، بل لو أنك تزوجت بعد توبتك من الفاحشة وقبل أن تجري الفحوص لما كنت في ذلك مخطئا، لأن أقصى ما توصف به في نقلك للمرض إلى غيرك في تلك الحالة -لو افترض تلبسك به- أنك مخطئ، والله تعالى يقول: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب: 5}.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. كما في سنن ابن ماجه وصحيح ابن حبان، مع أن الذي قمت به من إجراء الفحوص هو الأحوط.

وليس عليك أن تعيد الفحوص مرة أخرى، ولك أن تراجع في علاج الوساوس فتوانا رقم: 10973.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني