الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية إتلاف ما كتب عليه اسم الله

السؤال

ما الطريقة الصحيحة للتخلّص من الأوراق التي عليها كتابة البسملة، أو بعض الآيات القرآنية، أو اسم الرسول صلى الله عليه وسلم؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فيتخلص من هذه الأوراق التي فيه آيات من كتاب الله تعالى، ونحوها، إما بإحراقها، وإما بتخريقها؛ حتى لا تبقى الحروف متصلة ببعضها، كما يحصل الآن بالماكينة التي تفرم الأوراق.

والأصل في ذلك ما رواه البخاري في صحيحه: أن عُثْمَانُ -رضي الله عنه- قال لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلاَثَةِ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ؛ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ؛ فَفَعَلُوا. حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ، رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ، فَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا، وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ. اهـ.

يروى (يحرق بالحاء) المهملة، و(يخرق) بالخاء المعجمة، قال محمد بن يوسف الكرماني في الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري: (‌يحرق) بإهمال الحاء، وإعجامها، روايتان. انتهى.

وقد ذكر ابن حجر في الفتح الروايتين، ثم قال: وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ صَرِيحٌ فِي التَّحْرِيقِ، فَهُوَ الَّذِي وَقَعَ. وَيُحْتَمَلُ وُقُوعُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِحَسْبِ مَا رَأَى مَنْ كَانَ بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ. انتهى.

وقال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: وفي أمر عثمان بتحريق الصحف والمصاحف حين جمع القرآن، جواز تحريق الكتب التي فيها أسماء الله تعالى، وأن ذلك إكرام لها، وصيانة من الوطء بالأقدام، وطرحها في ضياع من الأرض.

وروى معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه أنه كان يحرق الصحف إذا اجتمعت عنده الرسائل، فيها: بسم الله الرحمن الرحيم.

وحّرق عروة بن الزبير كتب فقه كانت عنده يوم الحرّة، وكره إبراهيم أن تحرّق الصحف، إذا كان فيها ذكر الله.

وقول من حرّقها أولى بالصواب. انتهى.

ويرى بعض أهل العلم أن الأفضل في التخلّص من المصحف هو دفنه في مكان لا يوطأ؛ لتأكله الأرض، قال الحصكفي الحنفي في الدر المختار: الْمُصْحَفُ إذَا صَارَ بِحَالٍ لَا يُقْرَأُ فِيهِ، يُدْفَنُ؛ كَالْمُسْلِمِ. انتهى.

وعلّق على ذلك ابن عابدين في حاشيته: رد المحتار، بقوله: أي: يجعل في خرقة طاهرة، ويدفن في محل غير ممتهن، لا يوطأ. انتهى.

وقال البهوتي -الحنبلي- في كشاف القناع: وَلَوْ بَلِيَ الْمُصْحَفُ، أَوْ انْدَرَسَ، دُفِنَ نَصًّا. ذَكَرَ أَحْمَدُ أَنَّ أَبَا الْجَوْزَاءِ بَلِيَ لَهُ مُصْحَفٌ، فَحَفَرَ لَهُ فِي مَسْجِدِهِ، فَدَفَنَهُ. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني