الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سبب نزول قوله تعالى: (عبس وتولى)

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
أستاذي الفاضل الدكتور يوسف القرضاوي.....تحية طيبة وجزاك عنا وعن المسلمين كل خير وأطال الله عمرك .سيدي الكريم : كنت أريد التأكد من تفسير آية (( عبس وتولى # أن جاءه الأعمى )) ففي معظم التفاسير التي قرأتها والبرامج التي شاهدتها يفسرها العلماء الأجلاء على أن المقصود بها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ولكن سمعت منذ أيام أحد العلماء في إحدى القنوات الفضائية ينفي ذلك ويقول إن الله تعالى من المستحيل أن يخاطب رسوله بهذه الآيه وكيف ذلك وقد خاطب أحد المشركين وهو الوليد بن المغيرة وقد ذمه الله سبحانه في موضع آخر (سورة المدثر) واستخدم كلمة عبس في ذمه؟ أستاذي هذا الأمر سبب لي بعض الحيرة من أمري فأفيدونا أفادكم الله .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن سورة عبس نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم كما قرره المفسرون لما أخرجه الترمذي في سننه ومالك في موطئه، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 38915.

والعبوس وهو تقطيب الوجه وظهور أثر الكراهة عليه من الأعراض التي تعرض للبشر، والنبي صلى الله عليه وسلم بشر وذلك لا ينافي كمال خلقه، فقد عاتبه ربه في آيات غيرها، كما في قصة أسرى بدر لما رضى بالفداء فقال تعالى: مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {الأنفال: 67-68}.

وقال: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا {الكهف: 28}.

وهذه نزلت في قصة قريبة من قصة ابن أم مكتوم، فالنبي صلى الله عليه وسلم بشر قد يصدر منه ما يعاتبه عليه ربه ولا غضاضة في ذلك، كما بينا في الفتوى السابقة، وأما ما ذكره المتحدث الذي وصفت فإنه لا يعتمد على قوله ولا رأيه، فكتاب الله لا مجال فيه للأراء والأهواء والأمزجة الفاسدة، ولا ينبغي أخذ العلم عن كل من هب ودب، وانظر الفتوى رقم: 59761.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني