الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعمال صالحة تثقل ميزان العبد يوم القيامة

السؤال

ما هي الأعمال والأقوال الحسنة الثقيلة في الميزان يوم القيامة وقد ينجو بها العبد مع أدلة شرعية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فما من خير إلا ويوضع في الميزان فتثقل به كفة الحسنات، وما من شر إلا وتثقل به كفة السيئات قال سبحانه: (إن الله لا يظلم مثقال ذرة) [النساء: 40] أي زنة ذرة.
ولذلك لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الحُمُر وهل فيها من أجر ـ كما في البخاري من حديث أبي هريرة ـ قال: "لم ينزل عليّ منها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرةٍ شراً يره) [الزلزلة: 7-8]".
وأعظم ماتثقل به موازين العبد عند الله فعل ما أحب سبحانه ، وهو أداء الفرائض والواجبات ، كما جاء في الصحيح أن الله تبارك وتعالى قال في الحديث القدسي : ( وماتقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه .. ) الحديث . وكل قربة يجب أن تكون تابعة لذلك ، تالية له، ولهذا قال سبحانه في الحديث القدسي المتقدم : ( .. ومايزال عبدي يتقرب إلي بالنوفل حتى أحبه ) وذلك بعد أداء الفرائض . وقد ورد في الأثر أنه لاتقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة . وأعظم النوافل ما كان من جنس الفرائض ، ومكملا لها ، كالرواتب ، وصيام التطوع ، والصدقة بعد أداء الزكاة ، والحج بعد الفريضة .. وهكذا .
إذا تقرر ذلك وعرفت مراتب القربات فلنذكر بعض النصوص الواردة في ذكر بعض الأعمال التي يثقل بها ميزان الحسنات، غير ما أشرنا إليه ، للتنبيه على أهمية هذه الأعمال وعظم قدرها، وحث الناس على المسارعة في التزامها، من ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم".
وأخرج الترمذي وابن ماجه والحاكم وابن حبان وأحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلىالله عليه وسلم: "إن الله سيخِّلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعةً وتسعين سجلاً كل سجل مثل مدِّ البصر، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئاً؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟. فيقول: لا يارب. فيقول: أفلك عذر؟. فيقول: لا يارب. فيقول: بلى إن لك عندنا حسنة، فإنه لا ظلم عليك اليوم، فتخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله. فيقول: احضر وزنك. فيقول: يارب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فقال: إنك لا تظلم. قال: فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة فلا يثقل مع اسم الله شيء".
وأخرج أحمد عن أبي سلام عن مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بخ بخ. خمس ما أثقلهن في الميزان لا إله إلا الله والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، والولد الصالح يتوفى فيحتسبه والداه. وقال: بخ بخ. من لقى الله مستيقناً بهن دخل الجنة يؤمن بالله واليوم الآخر، وبالجنة والنار، والبعث بعد الموت والحساب".
وأخرج أبو داود والترمذي وغيرهما عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما يوضع في الميزان يوم القيامة أثقل من خلق حسن".
وأخرج أبو يعلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي أباذر، فقال: يا أباذر ألا أدلك على خصلتين هما أخف على الظهر وأثقل في الميزان من غيرهما؟ قال: بلى يا رسول الله قال: "عليك بحسن الخلق وطول الصمت، فوالذي نفسي بيده ما عمل الخلائق بمثلها".
وأخرج أحمد عن أُبيٍّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من تبع جنازة حتى يصلى عليها ويفرغ منها فله قيراطان، ومن تبعها حتى يصلى عليها فله قيراط، والذي نفسي بيده لهو أثقل في ميزانه من أُحُد".
والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني