الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تجسس المدير على موظفيه

السؤال

أعمل مديراً لمؤسسة وعندما أقوم بالخروج من هذه المؤسسة أقوم بتشغيل مسجل صوت داخل الكمبيوتر لكي يقوم بتسجيل كل الحوارات التي تدور في المؤسسة أثناء غيابي وبعدها أقوم بالاستماع إلى هذه التسجيلات وطبعاً هذا بدون علم أي شخص بهذا الموضوع فهل يكون هذا تصنت وتسلط على الآخرين؟ على العلم بأنني أعمل هذا في المؤسسة – مكان عمل - والتي هي في مسؤوليتي لكي أعلم بما يدور أو يحدث عندما أترك العمل وأخرج لتأدية أي معاملات.
وشكراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذا العمل الذي تقوم به من تسجيل ما يجري من حديث بين الموظفين يشتمل على عدة محظورات شرعية:

المحظور الأول: التجسس، وهو محرم، قال الله تعالى: وَلَا تَجَسَّسُوا.

قال العلامة السعدي رحمه الله في تفسيره: ولا تجسسوا: أي لا تفتشوا عن عورات المسلمين ولا تتبعوها، ودعوا المسلم على حاله، واستعملوا التغافل عن زلاته، التي إذا فتشت ظهر منها ما لا ينبغي.

ولا يستثنى من ذلك إلا إذا غلب على الظن وقوع جريمة لا يمكن منعها إلا عن طريق التجسس، قال القاضي أبو يعلى الحنبلي في (الأحكام السلطانية): إن كان في المنكر الذي غلب على ظنه الاستمرار به بإخبار ثقة عنه انتهاك حرمة يفوت استدراكها كالزنا والقتل جاز التجسس عليه والإقدام على الكشف والبحث، حذراً من فوات ما لا يستدرك من انتهاك المحارم، وإن كان دون ذلك في الريبة لم يجز التجسس عليه ولا الكشف عنه. انتهى

ومعلوم أنه لا يُخشى من وقوع جريمة في حال غيابك لا يمكن منعها إلا بالتجسس حتى يجوز لك التجسس، وراجع الفتوى رقم: 16126.

المحظور الثاني: سوء الظن بالعاملين معك، إذ أنك لو أحسنت بهم الظن وأنهم يؤدون العمل على الوجه المطلوب، لما قمت بتسجيل حديثهم بعد خروجك، وسوء الظن بالمسلمين دون بينة أو قرينة معتبرة لا يجوز، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات: 12}.

قال ابن كثير: يقول تعالى ناهياً عباده المؤمنين عن كثير من الظن وهو التهمة والتخون للأهل والأقارب والناس في غير محله.

وقال العلامة السعدي: نهى الله عز وجل عن كثير من الظن السيء بالمؤمنين حيث قال: إن بعض الظن إثم، وذلك كالظن الخالي من الحقيقة والقرينة.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إياكم والظن، فإن الظن أكذب... الحديث. رواه البخاري ومسلم، وراجع الفتويين رقم: 28676، والفتوى رقم: 15185.

المحظور الثالث: الاستماع إلى هؤلاء الموظفين وهم -بطبيعة الحال- يكرهون الاستماع لحديثهم بهذه الطريقة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون أو يفرون منه صب في أذنه الآنك يوم القيامة. رواه البخاري.

وبعض هذه المحظورات يكفي في تحريم العمل الذي تقوم به فكيف إذا اجتمعت؟

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني