الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

عندي أعمال بناء وأريد أن أدخل شريكا بمبلغ من المال بنسبة معينة ومدة عملي ستة شهور، هل يجوز أن أعطيه مبلغه بعد فترة وجيزة وأعطية نسبة ربح تقديرية قبل نهاية المدة المقرره لأنه هو طلب هذا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فننبه بداية إلى أن السؤال غير واضح، وسنجيب في حدود ما ظهر لنا منه، فإن كنت تقصد أنك تريد أن تنشئ شركة مع شخص آخر، تشتركان في رأس مالها، فالمشروع في هذه الحالة أن تتفقا على أن يقسم الربح بينك وبينه على حسب نصيب كل منكما في رأس مال الشركة، وإن كان ثم خسارة فهي على رأس المال، وإن كان أحدكما يبذل عملاً لا يلزمه عرفاً بحكم كونه شريكاً، فله أن يتقاضى عليه راتباً أو نسبة من الربح زائدة على النسبة التي يستحقها مقابل نصيبه في رأس مال الشركة، وراجع الفتوى رقم: 42627.

وإن كنت تقصد أنك تريد أن تأخذ من شخص آخر مالاً لتستثمره في أعمال البناء، بحيث تكون الشركة بينك وبينه، هو بماله وأنت بعملك وهو ما يعرف بشركة المضاربة، فالمشروع أن تتفقا على أن يكون ما تستحقه من الربح نسبة (مشاعة) مثل الربع والنصف، والباقي له، وإن كان ثم خسارة كانت على رأس المال، أما أنت فتخسر جهدك وعملك فقط، وقد نص أهل العلم على جواز المضاربة في مثل هذه الحالة، قال السرخسي في المبسوط: ولو دفع إليه ألف درهم مضاربة على أن يشتري بها الثياب ويقطعها بيده ويخيطها على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان فهو جائز على ما اشترطا، لأن العمل المشروط عليه مما يصنعه التجار على قصد تحصيل الربح فهو كالبيع والشراء، وكذلك لو قال له على أن يشتري بها الجلود والأدم ويخرزها خفافاً ودلاءً وروايا وأجربة فكل هذا من صنع التجار على قصد تحصيل الربح فيجوز شرطه على المضاربة.

وفي كلا الحالتين، لا يجوز لك أن تشترط لهذا الشخص ضمان رأس ماله -دون تعد منك أو تفريط- بحيث إذا حدثت خسارة لا تكون عليه، كما لا يجوز أيضا أن تعطيه مبلغاً مقطوعاً من الأرباح، سواء ربح المال كثيراً أم قليلاً أم خسر، لأن هذا ربا، وليس من الشركة في شيء، حيث إن الشركة تقتضي الاشتراك في الغنم والغرم، كما هو موضح في الفتوى رقم: 5160، والفتوى رقم: 19406.

وإذا تقرر هذا وتمت الشركة في الحالتين السابقتين على الوجه المشروع، فلا مانع من أن تتفقا على أجل تنتهي فيه، لكن يجب في هذه الحالة عند حلول الأجل أن ينتظر حتى يتم تصفية الشركة بينك وبينه، ويعرف كل منكما ما له وما عليه، ويعرف الربح من الخسارة ولا يجوز أن يكتفى عن ذلك بإعطائه رأس ماله ونسبة تقديرية من الربح، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10670، 51623.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني