الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الائتمام بالفاسق أم الصلاة منفردا

السؤال

أنا من عرب فلسطين (عرب48).. في بلدتي مسجدان، المسجد الأول الإمام فيه شيخ حافظ لكتاب الله تعالى وملتزم بالسنة (ظاهراً على الأقل) من حيث الملبس والمظهر.. وأهل بيته ملتزمون وزوجته ملتزمة بالنقاب.. وهو حاصل على درجة الماجستير في الشريعة... والمسجد الثاني الإمام فيه شيخ معين من طرف اليهود.. وهو يفتخر بذلك وأغلب أهل بيته لا يصلون (أبناؤه الكبار والصغار) وبناته متبرجات.. وقد سمعته شخصياً ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً ما قاله عليه الصلاة والسلام، والحديث المدعى هو: عندما سأله أحد المصلين عن اليهود فقال بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دارهم ما دمت في دارهم)، كما ويدعي بعض الناس أنهم سمعوه يسب الذات الإلهية ولكن هذا غير مؤكد ولا دليل عليه.. لي أخ في الله تعالى حصل له خلاف كبير مع الشيخ الأول (بعد رفقة ما يقارب 8 سنوات) وهو متأكد أنه مظلوم من قبل الشيخ ومن معه من أبناء الدعوة الذين وقفوا في صف وطرف شيخهم، بناء على ما تقدم هل يجوز لهذا الأخ أن يصلي خلف الإمام الثاني (المعين من قبل اليهود)، علماً بأنه إذا لم يصل خلفه فالحل الوحيد عنده أن يصلي في البيت؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإننا ننصح أخاك بأن يصطلح مع هذا الشيخ - الذي وصفته بصفات أهل الخير - وإن كان مظلوماً، وليتذكر أن الله سبحانه أعد للذين يكظمون الغيظ والذين يعفون عن الناس جنة عرضها السماوات والأرض، قال تعالى في سورة آل عمران: وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران:133-134}، وقال في سورة الشورى: وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:43)، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله.. إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث التي تحث المسلم على الصفح والعفو، وإن كان مظلوماً، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 2059.

ثم إن مجرد المشاحنة مع هذا الرجل لا يؤثر في صحة الائتمام به، كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 6359.

والذي ننصح به هو أن يصطلح مع جماعته الطيبة ويتواصل معهم، فإن لم يفعل فليصل معهم وليتجنب الصلاة مع هذا الرجل الذي ذكرت عنه ما لا يحمد، وليحذر من الانفراد عن الجماعة، فإن الصلاة في الجماعة واجبة على الرجل المستطيع، وإذا دار الأمر بين أن يصلي وحده أو يصلي مع الإمام الآخر فليصل معه إن كانت الشائعات الخطيرة غير صحيحة، والفاسق لا ينبغي أن يكون إماماً للمسلمين إلا أن الصلاة خلفه أولى من الانفراد، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 7332.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني