الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حرمة مال المسلم كحرمة دمه وعرضه

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
أنا ليبي الجنسية أسكن في ليبيا، فى فترة من الفترات كان والدي قد حصل على بيت من الدولة سنة 1979م لكن ظهر بعد سنتين أن هذا المنزل لمواطن آخر جاء هذا المواطن والموكل بالمنزل وعمره 26 سنة تقريباً فقال هذا المنزل لنا فقال له الوالد لو كنت أعلم أن المنزل لكم ما أخدته أبداً ولا أسكن فيه أبدا فقال له الشاب أنا الموكل أي الموصي عن هذا البيت فهو حلال عليك وأحل عليك من حليب أمك فقال له الوالد اذهب إلى أبيك وقل له هل أنت مسامح فقال الشاب بعد فترة الوالد سامحك في البيت وأحل عليك من حليب أمك بعد خمس سنوات من هذا الكلام جاء الرجل أبو الشاب وقال هذا منزلي أخرجوا منه قال له الوالد أنا كلمت ابنك وقال لي أحل عليك من حليب أمك وهو الذى جاء إلي بأوراق البيت لكي أتم إجراءات المنزل وذهب له أبي عدة مرات ويطلب منه السماح فرفض وفي سنة 1990 قام بالشكوى ولكن المحكمة حكمت لنا بالبيت، مع العلم بأننا نسدد ثمنه للدولة منذ أن استلمناه وذهب إبي إلى ابن الرجل الموصي بالبيت وقال أبي مريض والبيت حلال عليكم، مع العلم بأن الرجل أبا الشاب توفي، ما الحكم في ذلك، وهل البيت حرام أم حلال، وماذا نفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي خطب في الناس عام حجة الوداع أمام الجموع الغفيرة من المسلمين فكان مما قال: ..... أيها الناس.. إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، فأعادها مراراً ثم رفع رأسه فقال: اللهم هل بلغت... قال ابن عباس: فوالذي نفسي بيده إنها لوصيته إلى أمته، فليبلغ الشاهد الغائب. فحرمة مال المسلم في الإسلام كحرمة دمه وعرضه، فلا يحل شيء من مال المسلم إلا بطيب نفسه ولو كان عودا من أراك.

ولهذا فإذا كنتم تعلمون أن الدولة قد اغتصبت هذا البيت من صاحبه بوجه غير شرعي فإنه لا يجوز لكم أخذه من الدولة لما في ذلك من أكل أموال الناس بالباطل وعون الظالم على ظلمه والتعاون معه على الإثم والعدوان، ولا عبرة بكلام الشاب الذي ادعى أنه وصي ما لم يأت ببينة شرعية معتبرة، فمجرد الدعوى لا يثبت بها حكم ولا ينتفي بها ملك...

فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو يعطي الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم لكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر. رواه البيهقي وغيره وحسنه النووي في الأربعين.

وقد ذكرت من القرائن ما يدل على خلاف ما ذكره الشاب، ومن ذلك أن مالكه جاء يريده... وأن والدك ذهب إليه عدة مرات يطلب منه السماح فرفض... وأنه قام بالشكوى.. ولنفترض -جدلاً- أن ما قاله الشاب صحيح... هل كان ذلك بطيب نفسه، أم أنه بضغط من الدولة أو الخوف منها أو غير ذلك؟

كل ذلك يدل على أنكم لم تملكوا هذا البيت ملكاً شرعياً... وعليكم أن ترضوا ورثة ذلك الرجل أو تردوا لهم بيتهم... ما دمتم تعلمون أن البيت ملك لأبيهم قطعاً وتشكون في الطريقة التي وصل إليكم بها فإن اليقين لا يزول بالشك، اللهم إلا أن يتنازل الورثة عنه لكم بطيب أنفسهم، ومن حقكم أن تطالبوا الدولة بما دفعتم لها من أموال على أنه ثمن للبيت، ونرجو الاطلاع على الفتاوى: 9660، 10621، 45575.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني