الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عمل المرأة المختلط وملاطفة الزبناء

السؤال

أنا فتاة أعيش في دولة أروبية وأشتغل بمكان عام فأغلب الزبائن رجال بعضهم من نفس بلدي(مسلمون).
المهم طبيعة عملي هي التعامل معهم بلطف وطبعا هذا لكسب الزبون.
المشكلة هي أني أعلم بأن هذا العمل حرام شرعا مع العلم أني متحجبة.
فهل أترك هذا العمل وإن تركته فليس لدي مكسب آخر ريثما أجد عملا آخر
وأيضا أضطر لجمع الصلاة بسبب وجود الزبائن غالبا في أوقات الصلاة .
هل أتركه مع الظن بأن من ترك شيئا لله عوضه بأحسن منه مع العلم بأن هناك صعوبة لإيجاد عمل آخر
أعتذر على الأسلوب.
أتمنى الرد في أقرب وقت
وجزاك الله ألف خير وأن يجعلك من أصحاب جنة الخلد

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ضبط الإسلام التعامل بين الرجال والنساء بضوابط شرعية، تصون الأعراض وتحقق العفة والطهارة وتمنع الفواحش وتسد الذرائع إلى الفساد، فمن ذلك أنه حرم الاختلاط والخلوة، وأمر بالستر الشرعي وغض البصر والاقتصار في الكلام مع الرجال على قدر الحاجة وعدم الخضوع بالقول في محادثتهم ونحو ذلك من الضوابط الشرعية، وراجعي الفتوى رقم: 3859.

وعليه، فإذا كان عملك هو ملاينة الرجال والخضوع لهم بالقول أو الفعل طلبا لإرضائهم وكسبهم فإن هذا العمل لا يجوز ولا يجوز لك البقاء فيه، فإن ذلك من خطوات الشيطان للوقوع في الفاحشة، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {النور: 21} وقال تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ {الأنعام: 151} وقال تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء: 32} والأجر المأخوذ مقابل هذا العمل حرام، والواجب التخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين كما هو الشأن في كل كسب خبيث كمهر البغي وحلوان الكاهن ونحو ذلك.

وراجعي الفتوى رقم: 45011، والفتوى رقم: 51620.

أما إذا كان عملك أمرا مباحا مثل أن تكوني مسؤولة عن بيع سلع أو توفير خدمات مباحة أو استلام أموال ونحو ذلك فعملك في ذاته مباح والأجر المأخوذ عليه حلال ولكنك تأثمين بملاطفة الرجال والخضوع لهم بالقول أو الفعل ونحوه لما في ذلك من ارتكاب الحرام واتباع خطوات الشيطان كما تقدم.

والذي ننصحك به أن تتوبي إلى الله وتتركي هذا العمل وسيعوضك الله خيرا منه. قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق: 2-3}وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته. رواه الطبراني وغيره.

وروى الإمام أحمد عن أبي قتادة وأبي الدهماء قالا: أتينا على رجل من أهل البادية فقال البدوي: أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يعلمني مما علمه الله تبارك وتعالى، وقال: إنك لن تدع شيئا اتقاء الله جل وعز إلا أعطاك الله خيرا منه.

ولا يجوز لك الجمع بين الصلاتين فضلا عن الجمع بين الصلوات بسبب وجود زبائن في أوقات الصلاة فإن ذلك ليس بعذر يبيح الجمع وقد قال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون: 4-5} قال ابن عباس وسعد بن أبي وقاص ومسروق وغيرهم من السلف يؤخرونها عن وقتها، وروى ابن أبي شيبة عن عمر وأبي موسى رضي الله عنهما أنهما قالا: الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر.

فعليك بالمحافظة على الصلاة في وقتها، وراجعي للأهمية الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10767، 2007، 51334.

نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يحفظك بحفظه، وأن يوسع عليك رزقه، وأن يغنيك بحلاله عن حرامه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني