الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام العصابة لصاحب السلس

السؤال

كنت قد سألت فضيلتكم من قبل عن أني أعانى من سلس الغائط وأفتيتموني بأن علي أن أرتدي عصابة وأريد أن أسأل هل إذا صليت بالعصابة وقد أصابها شيء من النجاسة ألا تعتبر صلاتي باطلة؟ وهل تبطل كل صلواتي السابقة التي لم أستعمل بها العصابة؟
وكيف أكفر عنها؟ وأريد أن أعرف كيفية استعمال العصابة؟هل أضعها و أصلي بها دوما أم يجب علي تغييرها أم ماذا؟
سؤال آخر: هو أني كثيرا أكتشف إصابة ملابسي بآثار نجاسة بسيطة بسبب هذا السلس في الليل فهل إذا حدث هذا يجب علي أن أعيد صلواتي كلها في هذا اليوم حيث إني لا أعلم متى أصابت النجاسة ملابسي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد تقدم في الفتوى رقم: 23889 ماذا يفعل صاحب السلس إذا أراد الصلاة فلتراجع الفتوى أولا، والمعروف أن العصابة إنما شد بها هذا المحل لتمنع النجس من الخروج والانتشار على المصلي، ولا عبرة بما يلاقيها ويصيبها من النجس ما دام لم يخرج شيء من جوانبها بسبب التفريط في شدها، أما ما سبق من الصلوات التي لم تستخدم فيها العصابة فإن لم تكن تصاب بالنجس أثناء الصلاة فلا إشكال في الأمر فصلاتك صحيحة، وإن كانت تنزل عليك النجاسة أثناء الصلاة فلا إعادة عليك عند القائلين بعدم وجوب العصابة على صاحب السلس وهم المالكية، إضافة إلى أن من صلى بالنجس ناسيا أو جاهلا لا تلزمه الإعادة على ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية فإنه قال: ومن صلى بالنجاسة ناسيا أو جاهلا فلا إعادة عليه. وقاله طائفة من العلماء لأن من كان مقصوده اجتناب المحظور إذا فعله مخطئا أو ناسيا لا تبطل العبادة به. انتهى. فيمكن أن تعتمد على قول هؤلاء فيما ذكر ولا تعيد ما صليت بدون عصابة، وفي المستقبل ينبغي أن تشد العصابة لما في ذلك من الاحتياط للصلاة.

أما تجديد العصابة لكل صلاة فقد ذكر فيه النووي تفصيلا في معرض حديثه عن المستحاضة وحكم صاحب السلس في هذا الأمر مثل المستحاضة قال: وأما تجديد غسل الفرج وحشوه وشده لكل فريضة فينظر إن زالت العصابة عن موضعها زوالا له تأثير أو ظهر الدم على جوانب العصابة وجب التجديد بلا خلاف، نقل الاتفاق عليه إمام الحرمين وغيره لأن النجاسة كثرت وأمكن تقليلها والاحتراز عنها فوجب التجديد كنجاسة لنجو إذا خرجت عن الإليتين فإنه يتعين الماء، وإن لم تزل العصابة عن موضعها ولا ظهر الدم فوجهان حكاهما الخراسانيون أصحهما عندهم بوجوب التجديد كما يجب تجديد الوضوء.. إلى أن قال: قال البغوي والرافعي: وهذا الخلاف جاز فيما إذا انتقض وضوؤها قبل الصلاة واحتاجت إلى وضوء آخر بأن خرج منها ريح فيلزمها تجديد الوضوء، وفي تجديد الاحتياط بالشد الخلاف، ولو انتقض وضوؤها بالبول وجب تجديد العصابة بلا خلاف لظهور النجاسة. والله أعلم. انتهى.

واعلم أن الشد بالعصابة إذا ترتب عليه ضرر فإنه لا يجب عند القائلين بوجوبه.

قال النووي أيضا: وهذا الذي ذكرناه من الحشو والشد والتلجم واجب. قال الرافعي: إلا في موضعين: أحدهما: أن تتأذى بالشد ويحرقها اجتماع الدم فلا يلزمها لما فيه من الضرر. الثاني: أن تكون صائمة فتترك الحشو نهارا وتقتصر على الشد والتلجم... قال: فإذا استوثقت بالشد على الصفة المذكورة ثم خرج دمها بلا تفريط لم تبطل طهارتها ولا صلاتها. انتهى.

ومن هذا يعلم أنه إذا ترتب على صاحب السلس ضرر في هذا الشد المذكور أنه يسقط ولا يجب.

قال النووي أيضا: وأما إذا خرج الدم بتقصيرها في الشد أو زالت العصابة عن موضعها لضعف الشد فزاد خروج الدم بسببه فإنه يبطل طهرها، وإن كان ذلك في أثناء الصلاة بطلت، وإن كان بعد فريضة لم تستبح نافلة لتقصيرها.اهـ

وأما ما يجده السائل من آثار النجاسة فلا تجب منه الإعادة لأنه معذور بالسلس وهذا مما يعسر الاحتراز منه، ومن قواعد الفقه أن: المشقة تجلب التيسير، ومن كلام الفقهاء: وعفي عما يعسر.

وللفائدة راجع الفتوى رقم: 52081، والفتوى رقم: 9346، ولا تجب عليك في هذا الأمر كفارة وإنما تجب عليك التوبة إذا كنت مقصرا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني