الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إقدام الأهل على قتل من استوجب حدا

السؤال

هنالك بعض العادات الموروثة في مجتمعاتنا ومن ضمنها قتل من أقامت علاقة غير شرعية أو لنقل علاقة حب إذا صح التعبير مع شاب أو إذا تيقنوا أو سمعوا بأن إحدى بنات العائلة زنت والعياذ بالله فالشيء الوحيد الذي يبادر إلى الذهن هو قتل تلك البنت للتخلص من العار كما يزعمون قبل أن يلجؤوا إلى الشرع , ثم تقوم أقارب تلك العائلة بقطع علاقاتهم معهم ويتركونهم مع مصيبتهم سواء كانت تلك العائلة نفذت حكم القتل على بنتها أم لم تنفذ , والسؤال هو ما حكم قتل تلك البنت وماذا يقال لأقاربهم الذين تركوهم في تلك المصيبة , أفيدونا جزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الواجب على العائلة وخصوصا الوالدين ومن يقوم مقامهما تجاه البنت أولا هو حضانتها والسعي في إعفافها وتعليمها وتأديبها وسترها إذا حصل منها خطأ عملا بقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا {التحريم 6} قال علي رضي الله عنه في تفسيرها: علموهم وأدبوهم.

وفي الحديث: كلكم راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته. وفي حديث مسلم: من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين.

قال النووي في شرح مسلم عال: قام بالمئونة والتربية.

وفي الحديث: من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة. رواه مسلم. وقد توعد الله من لم يحط رعيته بالنصح وغشهم كما في الحديث: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. رواه مسلم.

ثم إذا فترضنا أنها اتهمت بالزنا وهي عفيفة وجب حد القذف على من اتهمها وأثم إثما كبيرا. قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {النور: 23} وقال: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ {النور: 4-5}

فإذا ثبت الزنا في حقها فالذي يقيم عليها الحد هو الإمام الأعظم، أما غيره من والد أو أخ أو غيره فلا يجوز له أن يقيم الحد، وتراجع الفتوى رقم: 54406، والفتوى رقم: 29253.

وبهذا يعلم أن الإقدام على قتل من استوجب حدا بسبب الزنا أو غيره بدون تخويل من ولي الأمر العام أمر محرم وعادة جاهلية لا يسوغها ما يسمى بالتخلص من العار ولا غيره، فدماء المسلمين أمرها خطير، ومن نزغه الشيطان وأرغمته نفسه الأمارة بالسوء على ارتكاب مثل هذا العمل فالواجب على من حوله أن ينصحوه بالتوبة بعد أن يبينوا له خطورة ما ارتكب من الإثم، وأن يوجهوه إلى ما فيه صلاحه من الإكثار من الأعمال الصالحة، أما هجره ومقاطعته فلا تفيد شيئا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني