الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دية القتل العمد في مال القاتل

السؤال

عندى سؤال عن شخص قتل شخصا آخر واعترف بالجريمة وأهل المقتول طلبوا الدية مع أنه اعترف بجريمته وقامت المنطقه التي نحن فيها بجمع نصف المبلغ رغم أنهم قادرون على دفع المبلغ كاملا، فهل حرام المشاركة في الدفع أم لا، مع العلم بأنه اعترف بقتله عمداً؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أجمع أهل العلم على أن دية القتل العمد تجب في مال القاتل، ولا تحملها العاقلة، قال ابن قدامة رحمه الله في المغني بعد حكاية هذا الإجماع: وهذا قضية الأصل، وهو أن بدل المتلف، يجب على المتلف، وأرش الجناية على الجاني، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يجني جان إلا على نفسه. وقال لبعض أصحابه: حين رأى معه ولده: ابنك هذا؟ قال: نعم، قال: أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه. ولأن موجب الجناية أثر فعل الجاني، فيجب أن يختص بضررها، كما يختص بنفعها، فإنه لو كسب كان كسبه له دون غيره. وقد ثبت حكم ذلك في سائر الجنايات والأكساب، وإنما خولف هذا الأصل في القتل المعذور فيه، لكثرة الواجب، وعجز الجاني في الغالب عن تحمله، مع وجوب الكفارة عليه، وقيام عذره، تخفيفاً عنه، ورفقاً به، والعامد لا عذر له، فلا يستحق التخفيف، ولا يوجد فيه المعنى المقتضي للمواساة في الخطأ. انتهى.

هذا من حيث أصل وجوب الدية، ولكن إذا تطوع الجيران أو غيرهم بمساعدة القاتل في الدية التي لزمته فلا حرج في ذلك، بل هو من المواساة والمعروف الذي يؤجر الإنسان عليه، إذا قصد به وجه الله، فقد قال الله تعالى: وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ {البقرة:215}، وقال تعالى: فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ {الزلزلة:7}، وفي الحديث: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. رواه مسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني