الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا نفقة للعامل في المضاربة الفاسدة

السؤال

لقد قررت أن أذهب في رحلة للتجارة مع صديق لي وقد أقرضته مبلغ 20000 ألف جنيه لكي يتاجر بها على أن يتم اقتسام الربح أو الخسارة مناصفة بيني وبينه. وأيضا إنه سوف يتاجر فقط بنصف هذا المبلغ وسوف يستخدم النصف الآخر في سداد بعض الديون ومصاريف الرحلة ولقد وافقت على ذلك.
حدث وأننا لم نوفق في هذه الرحلة وأصبت أنا خسارة وأصاب هو ربحا بسيطا جدا جدا.
لكنه يقول لي إنه حقق خسارة هذا لأن هذا الربح البسيط لا يغطي مصاريف الرحلة والتي تبلغ 3000 جنيه.
أنا أريد الحق لذلك سؤالي هو
** هل لا بد وأن أشارك معه في مصاريف الرحلة مناصفة أيضا ؟
** هل أطالبه بنسبتي الضئيلة من الربح البسيط الذي أصابه أم أتركه له كي يغطي مصاريف الرحلة ؟
جزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه لم يتضح لنا من السؤال ما هو المقصود من هذا المال نظرا لتضاد بعض المعاني الواردة فيه، لكننا سنتكلم على احتمالين:

الأول: أن يكون جميع المبلغ الذي أعطيته لصديقك قرضا مضمونا يرد مثله مع اشتراط زيادة عليه عند حصول أرباح نتيجة الاتجار به، وفي هذه الحالة تكون مشاركتك له في الخسارة بمعنى عدم أخذ زيادة على مبلغ القرض عند عدم وجود أرباح لا بمعنى خصم شيء من الخسارة من رأس مال القرض، وهذا النوع من القرض محرم شرعا لاشتماله على الربا الصريح، ولمنافاته لمعنى القرض الحسن الذي هو رد مثل المال مع عدم الزيادة المشروطة عليه.

الثاني: أن يكون نصف هذا المبلغ مال مضاربة وهو 10000 جنيه وأن يكون نصفه الآخر منه 7000 جنيه قرضا والذي ذكرت أنه سيسدد منها ديونه 3000 جنيه مصاريف الرحلة التجارية وهذا لا شيء فيه؛ إلا أن عقد المضاربة على مبلغ الـ 10000 آلاف جنيه عقد فاسد لاشتراط اشتراك العامل في الخسارة وهو شرط تفسد به المضاربة، وفي حالة فساد عقد المضاربة يكون المال وربحه لرب المال وللعامل أجرة مثله، وفي حالة الخسارة تكون الخسارة جميعها على رب المال وللعامل أجرة مثله أيضا.

قال السرخسي في المبسوط: وإذا دفع الرجل ألف درهم فقال نصفها قرض عليك ونصفها معك مضاربة بالنصف، فأخذها المضارب فهو جائز على ما سمى. اهـ.

أما عن مصاريف الرحلة فإن الراجح من أقوال الفقهاء أنها على المال أو على رب المال إذا سافر العامل بمال المضاربة -وهو الحاصل في مسألتنا- وهذا هو مذهب الأحناف والمالكية، لكن لما كانت المضاربة فاسدة فلا نفقة للعامل لأنه صار بمنزلة الأجير، وعلى هذا نص علماء الحنفية كما في المبسوط للسرخسي: وكل مضاربة فاسدة فلا نفقة للمضارب فيها على مال المضاربة لأنه بعد فساد المضاربة هو بمنزلة الأجير، ألا ترى أنه يستوجب أجر المثل ربح أو لم يربح، والإجارة الفاسدة معتبرة بالصحيحة، فكما أن في الإجارة الصحيحة لا يستوجب النفقة على المال لأنه استوجب بدلا مضمونا بمقابلة عمله فكذلك في الإجارة الفاسدة، فإن أنفق على نفسه من مال حسب من أجر مثل عمله.. اهـ.

وبناء على هذا، تكون نفقات الرحلة على صديقك لا عليك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني