الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

(الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة) علاقتها بمقاصد الشريعة

السؤال

الإخوة المشايخ الفضلاء في الشبكة الإسلامية أشكركم على هذا الموقع الناجح والمتميز، وسؤالي يتكون من فقرتين هما:
1- قاعدة (الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة)، ما علاقتها بمقاصد الشريعة؟2- هل هناك قواعد مندرجة تحت هذه القاعدة، أرجو الرد على سؤالي في أقرب فرصة للضرورة القصوى؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن علاقة هذه القاعدة بمقاصد الشريعة تتجلى في عدة نقاط، منها: أن الولي الخاص في مثل ولاية النكاح أدرى بمصلحة من ولي عليه، وأنه أحنُّ عليه وأرفق به وأدرى بمصلحته، ومثل ذلك الولي الخاص في الوقف، فناظر الوقف أدرى بمصلحته من الناظر العام (الوالي).

ولم يذكر من تكلموا في القواعد كالسيوطي وابن نجيم والزركشي قواعد تندرج تحت هذه القاعدة؛ إلا أنهم فرعوا عليها أنه لا يتصرف الولي العام مع وجود الولي الخاص، فلا يزوج النساء مع وجود الولي الخاص المؤهل، ولا يعفو عن القصاص والدية، ولا يتدخل في الوقف مع وجود الناظر فمتى وجد للوقف ناظر خاص فليس للحاكم (الناظر العام) حق التصرف في الوقف، حتى لو كان الناظر الخاص معيناً من قبل الحاكم، فيتولى الناظر الخاص كل ما يتعلق بالوقف ما لم يكن لها تعلق بالأمور العامة للمسلمين، لأن الأمور العامة مفوضة إلى الحاكم من جهة الشرع.

وفي الأشباه والنظائر للسيوطي: القاعدة الثانية والثلاثون: الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة: ولهذا لا يتصرف القاضي في وجود الولي الخاص وأهليته ولو أذنت للولي الخاص أن يزوجها بغير كفء ففعل صح، أو للحاكم لم يصح في الأصح، وللولي الخاص استيفاء القصاص والعفو على الدية ومجانا، وليس للإمام العفو مجانا. ولو زوج الإمام لغيبة الولي وزوجها الولي الغائب بآخر في وقت واحد وثبت ذلك بالبينة قُدَّم الولي إن قلنا إن تزويجه بطريق النيابة عن الغائب، وإن قلنا إنه بطريق الولاية فهل يبطل؟ كما لو زوج الوليان معا أو تقدم ولاية الحاكم لقوة ولايته وعمومها، كما لو قال الولي: كنت زوجتها في الغيبة فإن نكاح الحاكم يقدم كما صرحوا به، تردد فيه صاحب الكفاية، والأصح أن تزويجه بالنيابة بدليل عدم الانتقال إلى الأبعد، فعلى هذا يقدم نكاح الولي.

وفي غمز عيون البصائر للحموي الحنفي: القاعدة السادسة عشر: الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة، ولهذا قالوا: إن القاضي لا يزوج اليتيم واليتيمة إلا عند عدم ولي لهما في النكاح، ولو ذا رحم محرم أو أما أو معتقا، وللولي الخاص استيفاء القصاص والصلح والعفو مجانا، والإمام لا يملك العفو.

وفي درر الحكام في شرح مجلة الأحكام لعلي حيدر الحنفي: لو أجر القاضي عقاراً للوقف بما له من الولاية العامة على الوقف، وأجر متولي الوقف ذلك العقار نفسه، يكون إيجار المتولي صحيحاً ولا يعتبر إيجار القاضي، لأن الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة، ولا يحق لصاحب الولاية العامة أن يتصرف بمال الوقف مع وجود صاحب الولاية الخاصة، وإن كان القاضي هو الذي عين ذلك المتولي، كذلك لا يحق للقاضي عزل المتولي المنصوب من قبل الواقف ما لم تظهر عليه خيانة، لأن ولاية الواقف على الوقف ولاية خاصة، وهي أقوى من ولاية القاضي، كذلك لا يحق للقاضي أن يتصرف بمال اليتيم الذي نصب عليه وصي، ولا أن يزوج اليتيم أو اليتيمة عند وجود الولي، والحاصل أنه إذا وجدت الولاية الخاصة في شيء لا تأثير للولاية العامة ولا عمل لصاحبها، وأن تصرف الولي العام عند وجود الولي الخاص غير نافذ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني