الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا تختلس ولو اختلس كل الناس

السؤال

في البداية شكراً لجهودكم في إنشاء وإدارة هذا الموقع، لدي مشكلة ولا أعرف من أين أبدأ، أنا شاب لدي من العمر 26 عاماً تربيت على حب الله ورسوله ونشأت في الحلقات التعليمية في المساجد منذ صغري ورغم كثرة مشاغل الحياة وتعاستها وصعوبتها إلا أنه لازال بقلبي شيء كبير من الإيمان بالله، أعيش الآن ظروفاً صعبة وأعمل في شركة ولا أبالغ في وصفها إذا قلت إنها تتألف من لصوص من مديرها ولغاية البواب, بدأت فيها حمالاً حتى أصبحت الآن مسؤولاً لقسم الكومبيوتر، بدأت مشكلتي منذ سنتين تقريباً, كان مديرنا يعطينا راتبا لا يتجاوز 15 دولاراً في الشهر ولا أعرف إن كنتم ستصدقونني أم لا، ولكني أقسم بالله على ذلك.. وتصور يا أخي الكريم أنني الآن وبمنصبي الجديد أتقاضى 50 دولاراً، مع العلم بأن أكثر العمال لا تتجاوز مرتباتهم 30 - 35 $، حصة الأسد تذهب للسيد المدير المحترم وحاشيته الكريمة من المتملقين والأقارب وما شابه ذلك اضطررت أن أنجرف مع التيار وبدأت أتقاضى أموالاً أعرف تمام المعرفة أنها غير مشروعة, والله يا أخي الكريم أن ساعات دوامي هي 20 ساعة في اليوم تتضمنها 3 ساعات استراحة وهنالك موظفون لا يداومون أكثر من 3 ساعات ويستلمون نقودا أكثر مني بكثير، وأنا أقسم بالله لو أنني لم أتعرض لظروف أقوى مني ما كنت لآخذ مالا قذراً.. أنا أعرف أن هذا المال غير شرعي, وأعرف كذلك من أنه لا خيار لي بإيجاد فرصة عمل في مكان آخر, صدقني يا أخي لا يوجد عمل مطلقاً (نحن في العراق) أرجوك أريد حلاً منطقياً فأنا لست مرتاحاً للغاية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى لك الثبات على الإيمان، وأن يرزقك الله رزقاً حسناً حلالاً. واعلم يا أخي أنه لا بد مع الإيمان من الابتلاء، قال الله تعالى: ألم أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ {العنكبوت:1-2}، وتكون الفتنة في النفس والمال وغير ذلك، قال الله تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ {البقرة:155}.

فالبشرى كل البشرى لمن صبر وعف عن الحرام حتى يوسع الله عليه من الحلال الطيب، قال الله تعالى: إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف:90}، قالها يوسف عليه الصلاة والسلام عن نفسه وحاله بعد رحلة العذاب والعبودية والحرمان.

فيا أيها الأخ الكريم: أقلع فوراً عن تناول الحرام فإنه لا خير فيه وإن كثر، واقنع بالحلال القليل فإن فيه البركة وإن قلّ، فالعبرة ليست بالقلة والكثرة وإنما بالحلال والحرام، فلا يحل لك أخذ المال الحرام ولو كان كل من حولك يتناوله فإنك تحاسب وحدك، قال الله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ {المدثر:38}.

والحل الشرعي المنطقي هو أن تعف عن الحرام وتصبر وتبحث عن الحلال داخل بلدك وخارجها، وإذا علم الله منك صدقاً وعزيمة وفقك وأخذ بيدك: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني