الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عامل النظافة في البلاد الأجنبية

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله كل خير على هذا الموقع الرائع، وبارك الله فيكم وإلى الأمام إلى كل من يعمل على إنجاح هذا الموقع في خدمة المسلمين.... أما بعد:
أريد أن أسأل سؤالا تجادلنا فيه أنا وأصدقائي وافترقنا على أن نجتمع بعد أسبوع وكل شخص معه دليله لكي نستفيد ونصل إلى الجواب الصحيح بإذن الله... وأنا أحيل الأسئلة إليكم راجيا منكم أن تعطوني جوابا شافيا مع الأدلة إن أمكن لكي نستفيد وأستطيع إقناع أصدقائي إن شاء الله... أما الموضوع هو عن معنى الذلة في الإسلام وليس بحسب مفهومنا الشخصي أي بمعنى آخر.. إنسان يعمل عامل نظافة في بلاد أجنبية هل هو وضع نفسه في مكان الذل أم أننا نحن نتكبر وننظر إلى هذا الموضوع على أنه ذل، أريد معنى دقيقا لتعريف الذل بالإسلام... وهل نظرتنا إلى أننا لا نعمل عمال نظافة تعد تكبرا حتى ولو كنا مجبرين في بلاد الغربة.... مع العلم بأنني حاولت إقناعهم بضرورة الفصل بين العمل والإنسان الذي يقوم بهذا العمل أي: أننا لا يجب أن نعمل بهذا العمل لأنه يعتبر ذل لإنسان خلق في بيئة اجتماعية جيدة، ولكنه لا يجب أن يذل الإنسان الذي يعمل بهذا العمل بل يجب علينا أن نحبه ونكرمه ونعامله معاملة إنسان مؤمن ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، أي أننا متساوون إلا بالتقوى.... وهل يوجد شيء بالإسلام يمنعنا عن أن نعمل مثل هذا العمل في بلاد الغرب، فزميلنا الذي سافر بنية الدراسة في دولة أوربية ومع أنه من بيئة اجتماعية جيدة، ولكن أحوالهم المادية عادية مما اضطر إلى أن يعمل بشتى الأعمال لكي يعيش بدولته ويصرف على نفسه إلى أن عرض عليه هذا العمل بمبلغ جيد فرضي أن يعمل به... ونحن منعناه ويريد أن يقتنع من وجهة نظر الدين الإسلامي وليس من وجهة النظر الشخصية لأننا من طبقة اجتماعية جيدة.... ولأننا ننظر إلى هذا العمل نظرة خاطئة بسبب نظرة المجتمع من حولنا إلى هذا العمل... بينما في البلاد الأوربية تختلف عن بلادنا من ناحية هذا العمل (عامل نظافة) شكلا ومضمونا......الرجاء ثم الرجاء بإيفائي بشرح مفصل مع الأدلة الصحيحة من الأحاديث الصحيحة والأيات القرآنية لكي نستفيد ونتعلم؟ ولكم جزيل الشكر، وجزاكم الله كل خير على ما تعملوه في سبيل الإسلام... وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن شرعنا الحكيم قد رغب في ترك الجدال، روى أبو داود بسند حسن: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه.

وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإنه يحرم على المسلم أن يعمل خادماً عند الكافر، يغسل له ثيابه، أو يكنس له داره، أو يطبخ له طعامه ونحو ذلك.... لأن في ذلك إهانة للمسلم وإذلالاً له، وتعظيماً للكافر، وقد قال الله تعالى: وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً {النساء:141}، وإذا عمل المسلم عند الكفار، فإن كان العمل مباحاً، كخياطة ثوب، أو بناء بيت، أو حمل متاع مباح، جاز بالاتفاق لأنه عقد معاوضة لا يتضمن إذلالا ولا استخداماً، قال ابن قدامة: جاز بغير خلاف نعلمه.

وإن كان العمل محرماً، فلا يجوز بالاتفاق كرعي الخنازير، أو حمل الخمر، أو سقيها... ألخ، لأن فيه إعانة لهم على العصيان، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.

ثم إن الذلة هي الصغار وضدها العزة، قال في مختار الصحاح: الذل ضد العز، وقد ذل يذل بالكسر ذلا وذلة ومذلة، فهو ذليل وهم أذلاء وأذلة.

وعرف النبي صلى الله عليه وسلم إذلال النفس بتعريضها ما لا تطيق، قال صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه، قالوا: وما إذلاله لنفسه؟ قال: يتعرض من البلاء لما لا يطيق. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.

وانطلاقا من جميع ما ذكر، فإن عمل النظافة في بلاد أجنبية إذا كان داخل بيوت الكفار خدمة لهم، أو كان في أماكن تدار لممارسة أفعال محرمة، فإنه في كلتا الحالتين لا يجوز، وإن كان في أماكن عامة كالشوارع ونحوها مما ليس مخصصاً لفعل الحرام فالظاهر أنه لا حرج فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني