الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا ضرر أكبر من ضياع الدين

السؤال

اضطررت لترك ابنتي فى بلدى مصر مع والدىّ لتكمل تعليمها الجامعى وأقيم أنا ووالدها وإخوتها فى بلد عربى ، نحن أسرة متدينه ونراعي الله فى تصرفاتنا وأعمالنا وابنتي محجبة ولديها من المبادئ الدينية التى يحسدها عليها غيرها المشكله أن ابنتى فتنت فى الجو المحيط بها وقل دينها وتأثر حجابها وأصبحت تقلل منه تدريجيا أصبحت تكذب وهي المشهور عنها الصدق أصبحت وباختصار بوجهين أمامي أنا ووالدها فهي البنت المثالية الملتزمة وإذا أصبحت وحدها فهى بلا رقيب تفعل ماتشاء تحب وتضع مكياجا وتنسى لبس الواسع .... أموت قهرا وحسرة عليها أنا ووالدها فكرنا في أن نخرجها من كليتها وهي إحدى كليات القمة ونأتي بها لتعيش معنا لنحافظ على دينها وندخلها هنا في هذا البلد العربي أي تعليم نظرى لأنه غير متاحة كليتها هنا وكان هذا شبه قرار فالمهم عندنا أن ننقذ دينها الذى بدأت تنساه وتتخلى عنه في هذه الكليه وأن التعليم لايهم إذا ضاع الدين هذا من وجهة نظرنا ولكن وبعد تفكير وتأن فكرنا لو أننا اتخذنا هذا القرار فسوف نجبرها على ترك كليتها والتي تحبها جدا والتي هي أيضا متفوقه فيها وبسبب ماذا ؟؟ الدين ، فقد تكره الدين عنادا من داخلها لأنه بسببه قضينا على مستقبلها وسببنا لها حسرة فى نفسها إذا سوف يأتي القرار برد فعل عكسي ولن ننقذ دينها كما أردنا نعيش فى حيرة وننتظر رأيكم؟
وجزاكم الله خيرا .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يثلج صدرك بصلاح أولادك جميعاً ، وأن يزيدك حرصاً على الالتزام بتعاليم الإسلام وحدود الشريعة ، وأن يمدك بمدد من عنده ، وأن يعينك على ما نويت من الخير بما في خزائنه من الهداية والرشاد ، وخزائن الله ملأى لا تنفد ، ونسأل الله أن يشرح صدر ابنتك المذكورة ، وأن يهدي قلبها ، وأن يلهمها رشدها .

وننبهها إلى أن الدنيا زائلة، وأن متاعها قليل، والآخرة خير وأبقى ، وأنه يجب عليها أن تسارع بالعودة إلى الله تعالى من قبل أن يفجأها هادم اللذات ومفرق الجماعات (الموت) فقد قال تعالى : وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {لقمان: 34} والمرء يموت على ما عاش عليه، ويبعث على ما مات عليه، فأي لقاء لله يرجوه من عصاه ، وأي حياة بعد الموت يحياها من خرج عن طاعته ، وقد قال سبحانه : فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا {الكهف: 110}

وإن من أهم ما يجب على المرأة الالتزام به هو الحجاب الشرعي الذي يجمع شروطه : ألا يصف ولا يشف ، ولمعرفة ذلك فلتراجع الأجوبة التالية أرقامها : 31312 // 20177 // 6745 ، ولمعرفة حكم وضع المكياج تنظر الفتاوى رقم : 28552 // 19191 // 32094 .

وإننا لنحذر ابنتكم -هداها الله- من الاختلاط بالرجال في الجامعة وغيرها ، وكذا محادثتهم عن طريق الهاتف أو النت أو بصورة مباشرة ، فإن ذلك شر في ذاته ويؤدي إلى كثير من الشرور التي لا يقدر قدرها إلا الله ، والخوف على ابنتكم ليس من هذه الافعال فحسب بل الخشية كل الخشية أن يقبضها الله عليها فتلقاه على حال لا يرضاها ، ولمزيد من المعلومات حول هذا تراجع الفتاوى التالية أرقامها : 20415 // 1932 هذه هي نصيحتنا لابنتكم حفظها الله وهداها .

أما ما نشير به عليكم ، والمستشار مؤتمن فهو أن المحافظة على الدين تقدم على غيره من الضروريات كما هو معلوم في شرع الإسلام ، فإذا تعارضت مصلحة المال مع الدين قدم الدين ، وكذا مصلحة التعليم ونحو ذلك من المصالح التي لم يهملها الإسلام ، وإنما رتبها وجعل بعضها أولى من بعض ، والقاعدة أن الضرر الأصغر يتحمل لتفادي الضرر الأكبر ، ولا ضرر أكبر من ضياع الدين ، ولو أنكم أخذتم ابنتكم بالحزم -كما ذكرتم- فقد يؤدي ذلك إلى خسارة أكبر من الخسارة الحاصلة ، أما إذا تعاملتم معها بالتلطف والحيلة فقد يكون ذلك أدعى لقبول نصحكم وطاعة أمركم ، ولا يتأتى ذلك إلا بالتقرب منها وعدم البعد عنها، فكلما وجدتم فرصة لزيارتها في البلد الذي تقيم فيه حالياً فعلتم ، وكذا إحضارها إلى البلد الذي تقيمون فيه حالياً أثناء أيام العطلات والإجازات، ولا شك أن ذلك سيزيل كثيراً مما تكون لديها من أفكار ، كما أنه يمكنكم أن تبحثوا لها عن صحبة صالحة تحيط بها في مجتمعها الجامعي ، وذلك ليس بالأمر العسير ، ولا شيء أنفع للولد في الإصلاح من دعاء والديه له فإن دعاء الوالدين لأولادهما مستجاب، واللجوء الصادق إلى الله أنفع وسيلة لجلب الخير ودفع الشر، وإننا لننصحكم كذلك بأن تراسلوا قسم الاستشارات بالشبكة الإسلامية فإن عندهم من الأخصائيين من يستطيع أن يرشدكم أكثر في هذا المجال .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني